الرزق.. طعام وشراب ومأوى، كفله الله عز وجل لجميع عباده من البشر سواء كانوا (مؤمنين أو غير مؤمنين)، لكن هناك رزق الخاصة، وهو رزق لا يأتي إلا للمؤمن فقط.

وفي ذلك يقول الإمام السعدي رحمه الله: «الرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر ، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان ومحبة الله وخشيته ورجائه ونحو ذلك فلا يعطيها إلا من يحب»، إذن إذا كنت فقيرًا في المال، ولا تملك إلا القليل، لكنك من المؤمنين بالله عز وجل، فاعلم يقينًا أنك من أهل الخاصة، لأن المال سينفد وكل الأملاك ستنتهي، لكن الإيمان لا يمكن له بنهاية، إلا بنهاية سعيدة يختصها المولى عز وجل لعباده المؤمنين، وهي الجنة بإذن الله.

الرزق الحقيقي

اعلم يقينًا أن الرزق الحقيقي، هو رزق القلب والرضا بقسمة الله والقناعة بما أعطاك الله فمن رزق القناعة فقد رزق خيراً كثيراً، قال تعالى: « وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ »، وبالتالي من وسع الله له في رزقه فليحمد الله ولينسب الرزق إلى الله.

قال تعالى: « كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ »، وليحذر من الاغترار بقوته أو فطنته أو عمله أو تجارته التي تجلب له هذه الأرزاق فإن هذه الوسائل هي أيضاً من رزق الله وليعلم إن كان مقيماً على معصية الله وكسب الحرام أن هذا من الاستدراج الذي قال الله عنه: « فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ».

فعليه أن يعود إلى ربه من فوره، وليوقن تمام اليقين أن الرزق الحقيقي في الطاعة قبل الطعام والشراب، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم «إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما هو استدراج».

الشكر دائمًا

أما من لم يوسع له في رزقه فليحمد الله وليوقن بقول الله تعالى: « وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ »، وقوله أيضًا سبحانه وتعالى: « اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ »، وقوله سبحانه: « لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ».

وهو ما أكده النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في قوله: «الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من طيب»، وفي قوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: «يا معشر الفقراء ألا أبشركم إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم خمسمائة عام».