مائدة سيدنا عيسى عليه السلام كانت أحدي المعجزات التي أيد الله بها نبوة عبده المسيح بن مريم حيث طالبه بها الحواريون وكان من أكثر الناس إخلاصا لسيدنا عيسي حيث كانوا امناء حين يستشيرهم وكانوا يستجيبون لجميع مطالبه وبل لعبوا دورا مهما في تبليغ دعوته وهوأمر مدحه القرآن الكريم في قوله تعالي : قال من انصاري الي الله قال الحواريون أنصار الله أمنا به واشهد بانا مسلمون في دليل علي قوة ايمانهم واخلاصهم لدينهم ونقاء قلوبهم .

وفي هذا السياق تعود تسمية سورة المائدة بهذا الأسم لأنها تتضمن قصة المائدة التي أنزلها الله تعالى من السماء عندما سأله عيسى ابن مريم عليه السلام إنزالها من السماء كما طلب منه ذلك أصحابه الحواريون،

تعرف علي  قصةمائدة  سيدناعيسي

وقد بدأت قصة المائدة عندما أمر سيدنا  عيسى عليه السلام الحواريين بصيام ثلاثين يوما, فلما أتموها طلبوا من عيسى عليه السلام أن يسأل ربه لينزل عليهم مائدة من السماء من أجل أن يأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم،

المسيح عليهم السلام لم يبد ارتياحا لهذا الطلب بل شعر بالخوف من اعتبار ذلك إساءة للأدب مع الله وتجاوزا في حق الله سبحانه وتعالي حيث  وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك، فلما ألحوا عليه أخذ عيسى يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا فاستجاب الله عز وجل دعاءه فأنزل الله سبحانه وتعالى المائدة من السماء.

اظهار أخبار متعلقة

وبعد ان استجاب الله لطلب عبده ورسوله عيسي عليه السلام اخذ الجميع ومنهم الحواريون ينظرون إليها  ويتساءلون كيف تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنو قليلا قليلا وكلما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام ربه أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل، فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول " بسم الله خير الرازقين" فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة وقيل: كان عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدًا،

بعد نزول هذه المائدة العامرة أمرهم عيسى عليه السلام بالأكل منها أمر عليه السلام الفقراء والمحتاجين والمرضى وأصحاب العاهات وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أمرهم أن يأكلوا من هذه المائدة، فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا أغنياء, فندم الناس الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال أولئك الذين أكلوا.

مائدةسيدناعيسي وهكذاكان مصيرها

وبعد هذه الفرحة والسعادة صعدت  المائدة وهم ينظرون إليها حتى توارت عن أعينهم، وقيل: إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، فيأكل آخرهم كما يأكل أولهم حتى قيل: إنه كان يأكل منها كل يوم سبعة آلاف شخص.

ثم أمر الله تعالى عيسى أن يقصرها على الفقراء دون الأغنياء، فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت المائدة ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من المنافقين خنازير.

اقرأ أيضا:

الفرق بين الحقيقة والوهم.. كيف تأتي الله بقلب سليم؟

وقد رُوي عن عائشة -رضي الله عنها-  في معرض تعليقها علي قصة المائدة وطلب الحواريين من سيدنا عيسي بالقول :إنّهم كانوا على علمٍ بقدرة الله تعالى على إنزال المائدة، ولكنّ عيسى -عليه السلام- طلب منهم الخشية من الله تعالى، وتحقيق التقوى في قلوبهم، وعدم طلب أمورٍ تؤدي إلى الفتنة، إلّا أنّهم بيّنوا له أنّ المقصود من طلبهم، هو نيل البركة، وتحقيق حاجتهم ورغبتهم في الطعام بعد تضييق بني إسرائيل عليهم، ولزيادة إيمانهم وتصديقهم بالحقّ، وشهادةً على معجزات عيسى عليه السّلام؛

السيدة عائشة مضت في تفسير أمر طلب الحواريين للمائدة بالقول :إذ إنّ العلم المبني على المعاينة لا تدخله أيّ شبهةٍ أو اعتراضٍ، ثمّ توجّه عيسى -عليه السّلام- إلى ربّه بالدعاء والطلب في إنزال رزقٍ من السماء، وجعل هذا اليوم يوم عيدٍ للاحتفال والابتهاج، والتقرّب من الله تعالى، وشكره على الرزق، فأنزل الله تعالى المائدة عليهم، وتوعّد من يكفر بعد زوالها بالعذاب الشديد