حذرت دراسة حديثة من أن تناول الطعام في الليل قد يزيد من خطر الإصابة بضعف تحمل الجلوكوز، أو مقدمات السكري.

قال الباحثون في الدراسة التي نشرت الجمعة في مجلة "ساينس أدفانس"، إن حصر الوجبات في النهار يمكن أن يساعد في الحفاظ على مستويات صحية للجلوكوز في الدم، مما يسمح للجسم بمعالجة السكريات بشكل أكثر فعالية.

بعد تقييم آثار تناول الطعام ليلاً على عمال النوبات الليلية، توصل الباحثون إلى أن تناول الطعام خلال ساعات الليل قد يسبب اختلالًا بين "الساعات" اليومية المركزية والجسمية المحيطية، على حد قولهم.

والساعات اليومية هي ساعات الجسم الطبيعية التي تنظم التغيرات الجسدية والعقلية والسلوكية على مدار اليوم.

تناول الوجبات في أوقات غير معتادة

وقال الباحثون إنه يمكن أن يكون للنتائج آثار على الذين يتناولون وجبات في أوقات غير معتادة، مثل الذين يعانون من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أو اضطرابات النوم، أو الأشخاص الذين يميلون إلى النوم في وقت متأخر من عطلة نهاية الأسبوع.

خلال الدراسة، قام الباحثون بتقييم آثار تناول الطعام ليلاً على 19 مشاركًا شابًا يتمتعون بصحة جيدة ظلوا مستيقظين لمدة 32 ساعة في بيئة مضاءة بشكل خافت وخاضعة للسيطرة، حيث حافظوا على وضعية ثابتة للجسم وتناولوا وجبات خفيفة متطابقة كل ساعة.

قال الباحثون إنه في أعقاب ذلك، انخرط المشاركون في محاكاة جدول العمل الليلي واتبعوا أحد جدولين لتناول الطعام.

تناولت إحدى المجموعات أثناء الليل لمحاكاة جدول زمني نموذجي بين عمال المناوبة الليلية، بينما تناولت المجموعة الأخرى خلال النهار، وبالتالي مواءمة جدول الوجبات مع الجدول الزمني للساعة اليومية المركزية.

بعد ذلك، اتبع المشاركون جدولًا روتينيًا ثابتًا مدته 40 ساعة لتقييم آثار جداول الوجبات على إيقاعاتهم اليومية. وأظهرت النتائح أن المشاركين الذين تناولوا الطعام أثناء الليل زادوا من مستويات الجلوكوز في الدم، في حين أن أولئك الذين تناولوا الطعام خلال النهار فقط لم يشهدوا تغيرات كبيرة.

خلايا إنتاج الأنسولين 

بالإضافة إلى ذلك، قال الباحثون إن تناول الطعام ليلاً قلل من وظيفة خلايا بيتا في البنكرياس (تنتج خلايا بيتا الأنسولين، وهو هرمون يساعد الجسم على معالجة السكر)، مما أثر على قدرة المشاركين على معالجة السكريات.

اظهار أخبار متعلقة

كما تسبب تناول الطعام ليلاً في اختلال توازن الساعات اليومية المركزية للمشاركين ، كما هو متوقع من التغيرات في درجة حرارة الجسم ومستويات السكر في الدم ، وفقًا للباحثين.

وفي الوقت نفسه، ظلت إيقاعات الساعة البيولوجية التي تتحكم في درجة حرارة الجسم ومستويات الجلوكوز متوازنة عندما تناول المشاركون وجبات الطعام أثناء النهار، حتى مع النوم الخاطئ.

قال المؤلف المشارك للدراسة، فرانك إيه جيه إل شير في بيان قدمه مستشفى بريجهام والنساء ببوسطن: "من بين المشاركين الذين خضعوا للدراسة، أولئك الذين يعانون من اضطراب كبير في نظامهم اليومي... أظهروا ضعفًا كبيرًا في تحمل الجلوكوز".

أضاف شير، مدير برنامج علم الأحياء الزمني الطبي في قسم النوم والاضطرابات اليومية بالمستشفى، إن هؤلاء المشاركين لديهم دليل على "عدم التوافق بين الساعة البيولوجية المركزية وإيقاعات الجلوكوز اليومية الداخلية لديهم".

وتابع: "تشير هذه النتائج إلى أن توقيت الوجبة كان مسؤولاً بشكل أساسي عن الآثار المبلغ عنها على تحمل الجلوكوز ووظيفة خلايا بيتا".

الساعة البيولوجية

وأشار إلى أنه "بينما كانت الساعة البيولوجية المركزية لا تزال على توقيت بوسطن، فإن إيقاعات الجلوكوز اليومية الداخلية تشير إلى أن بعض الساعات المحيطية، ربما تلك الموجودة في الكبد، قد تحولت بشكل كبير إلى منطقة زمنية في آسيا".

ويؤدي عدم تحمل الجلوكوز إلى ارتفاع مستويات السكر في مجرى الدم، وهي مقدمة لمرض السكري من النوع الثاني، وهي حالة تؤثر على 30 مليون شخص في الولايات المتحدة، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

في الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني، يكون الجسم أقل قدرة على امتصاص السكر من مجرى الدم إلى أنسجته، مما يتسبب في مستويات عالية بشكل خطير يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.

تشير الأبحاث إلى أن العاملين في النوبات الليلية، الذين ينامون عادة أثناء النهار ويأكلون في المساء، معرضون بنسبة تصل إلى 60 في المائة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني مقارنةً بالعاملين في نوبات النهار، ربما يكون هذا بسبب انخفاض قدرة الجسم على معالجة السكريات بين عشية وضحاها.

تخضع عمليات التمثيل الغذائي هذه لإيقاعات الجسم اليومية، والتي ترتفع وتنخفض خلال 24 ساعة في اليوم، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض.

تحدد الساعة البيولوجية في الدماغ التوقيت للعديد من الإيقاعات اليومية، والتي تنظم عمليات مثل دورات النوم والاستيقاظ والنشاط الهرموني والأكل والهضم.