على الرغم من أن مرض الكبد يرتبط عادةً بإدمان الكحول أو الالتهاب الكبدي، لكن السمنة ومرض السكري أصبحا يشكلان تهديدًا أكثر خطورة لتلف الكبد المميت، وفقًا لدراسة حديثة.

ويعاني حوالي واحد من كل أربعة أشخاص في العالم من مرض الكبد الدهني، وفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية.

وبحسب الدراسة، فإن مرض الكبد الدهني المتقدم يزيد من خطر وفاة الشخص المصاب بنحو سبعة أضعاف، وقد تجاوز الالتهاب الكبدي "سي" باعتباره السبب الرئيسي لتليف الكبد والسبب الرئيسي لزرع الكبد، كما أشارت افتتاحية مصاحبة للدراسة.

مخاطر مرض الكبد الدهني

وراقب الباحثون ما يقرب من 1800 شخص يعانون من مرض الكبد الدهني لمدة أربع سنوات، لمعرفة كيف أثرت هذه الحالة على صحتهم.

ووجدوا أنه مع تقدم الندبات المرتبطة بالدهون في الكبد، كان المرضى أكثر عرضة للمعاناة من مضاعفات مرتبطة بالكبد، مثل النزيف الداخلي والسوائل الزائدة والارتباك العقلي الناجم عن تراكم السموم في الجسم والدماغ، كما قالت كلارك.

وقال الباحثون إنه مع تقدم مرض الكبد الدهني، يصبح المرضى أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وضعف وظائف الكلى. ووجدوا أن الأشخاص الذين عانوا من هذا النوع من المضاعفات المرتبطة بالكبد كانوا أكثر عرضة للوفاة بحوالي سبع مرات.

القاتل الصامت

ويوصف هذا المرض بأنه "قاتل صامت"، ففي الوقت الذي تظهر فيه الأعراض المتعلقة بتلف الكبد الدهني، تكون في ورطة عميقة، كما حذرت الباحثة المشاركة الدكتورة جين كلارك، مديرة الطب الباطني العام في كلية جونز هوبكنز للطب بالولايات المتحدة.

وقالت كلارك: "بمجرد إصابتك بمرض الكبد المتقدم، والذي قد يستغرق سنوات وعقودًا للتطور، فإن الأشخاص الذين أصيبوا بتلك الندوب التي تقدمت كثيرًا كانوا أكثر عرضة للوفاة".

وأضافت إن الحالة تحدث عندما يبدأ تخزين الدهون الزائدة في الكبد، مما يسبب التهابًا وفي النهاية تندبًا.

وتابعت شارحة: "إنها تشبه فطائر فوا جرا أو باتيه، والتي تسببها الإفراط في إطعام البط أو الإوز. إنهم يطعمونهم الكثير من الكربوهيدرات، والحبوب، وبسرعة كبيرة. إنه يتجاوز نظام التمثيل الغذائي في الكبد، ويضعون الدهون في الكبد مباشرة".

اقرأ أيضا:

مرض نادر.. "الرجل المطوي" يرى أمه للمرة الأولى منذ 25 عامًا

متلازمة التمثيل الغذائي

وقال الدكتور سكوت فريدمان، عميد الاكتشافات العلاجية ورئيس أمراض الكبد في مدرسة إيكان للطب في "ماونت سيناي" بنيويورك، إن مرض الكبد الدهني عند البشر مرتبط بمتلازمة التمثيل الغذائي.

ومتلازمة التمثيل الغذائي هي مجموعة من المشاكل الصحية التي تم ربطها بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض السكري من النوع الثاني، وتشمل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم ودهون البطن الزائدة ومستويات الكوليسترول غير الطبيعية.

وأضاف فريدمان: "لا يقدر الشخص العادي، وحتى العديد من الأطباء، أن هناك خطرًا متزايدًا للإصابة بأمراض الكبد المتقدمة بين المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة، ومرض السكري من النوع الثاني ولديهم ما يسمى بمتلازمة التمثيل الغذائي".

وأشار إلى أن "كثيرًا منهم يمكن أن يأوي مرض الكبد الصامت ولكن التدريجي الذي يمكن أن يكون قاتلاً في نهاية المطاف".

ولفت فريدمان إلى أن نتائج الدراسة تشير إلى الحاجة إلى توخي الحذر عندما يكون الشخص مصابًا بالسمنة ومرض السكري.

وتابع: "يجب أن يدرك كل من المرضى ومقدمي الخدمات أنه، خاصة في مرضى السكري من النوع الثاني والسمنة، وهذه السمات من متلازمة التمثيل الغذائي، يحتاجون إلى التحقق مما إذا كان هناك أيضًا تلف أو مرض أساسي في الكبد".

فقدان الوزن أفضل العلاجات

مع ذلك، لن يتطور الأمر لدى من يعانون من الكبد الدهني إلى أمراض الكبد. وقال فريدمان: "اتضح أن معظم الأشخاص الذين لديهم دهون لن يصابوا أبدًا بالتهاب وتندب، لكن مجموعة فرعية - ربما في مكان ما حوالي 20 في المائة إلى 30 في المائة - ستصاب بالندوب بالفعل".

واستدرك قائلاً: "لا نعرف لماذا سيكون لدى بعض المرضى دائمًا دهون فقط وليس أكثر، وآخرون سيتعرضون للإصابة والالتهابات والندبات".

واعتبر كل من كلارك وفريدمان، أن فقدان الوزن يعد حاليًا أحد أفضل العلاجات المتاحة لمرض الكبد الدهني.

وقالت كلارك: "هناك بيانات جيدة تظهر ما إذا كانت هناك دهون في الكبد، وفقدان الوزن يمكن أن يجعل هذه الدهون تختفي".

غير أنه ليس من السهل تحقيق نوع فقدان الوزن المطلوب. إذ بينت كلارك أنه "بالنسبة لمعظم الناس، من الصعب أن يفقدوا الكثير من الوزن وأن يحافظوا عليه. ربما تحتاج إلى إنقاص 10 في المائة من وزن الجسم والحفاظ عليه، ونحن نعلم أنه من الصعب القيام بذلك".

وقال فريدمان إنه لا توجد أدوية معتمدة حاليًا لعلاج مرض الكبد الدهني، لكن "هناك اهتمام كبير بصناعات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية لتطوير عقاقير جديدة". وأوضح أن "هناك عشرات العلاجات التي يتم اختبارها في التجارب السريرية".

وفي نفس العدد الصادر في 21 أكتوبر من مجلة "نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين"، أفادت دراسة أخرى عن نتائج المرحلة الثانية من التجارب السريرية لأحد هذه الأدوية.

وأفاد بيير بروكوا من جامعة أنتويرب في بلجيكا وزملاؤه أن تندب الكبد توقف لدى حوالي 35 في المائة من مرضى الكبد الدهني الذين تناولوا جرعة عالية من العقار.