عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الوفاء هو رفيقك في كل الظروف وليس على حسب الظروف.. لذا عليك أن تسأل الله عز وجل دائمًا بهذا الدعاء: "اللهُم سندًا صالحًا يا اللّٰه، إن اعوجّت الخطوات أقامها، وأيامًا هيِّنة، خفيفة، لا إحباط يُثقلها، ولا خَيبة تُعكِّرها".
الوفاء خلق لا يقدره إلا القليلون، ولقلة وجود ذلك في الناس قال تعالى: « وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ » (الأعراف/ 103)، وقد ضرب به المثل في العزة فقالت العرب: «هو أعز من الوفاء»، ولذلك فقد أمر الله تعالى به فقال سبحانه: « وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » (الأنعام: 152)، ومن ثم فإن الوفاء من صفات الله عز وجل، قال تعالى يؤكد ذلك: « وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ » (الروم: 6).
صفات الأنبياء
الوفاء من صفات الأنبياء جميعًا، قال تعالى: «أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى » (النجم: 36 - 41)، ومن ثم بما أننا مسلمون ونؤمن بكل الأنبياء بلا أي تفرقة، فعلينا التخلق بأخلاقهم.
قال تعالى: « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا » (مريم: 54، 55).
أيضًا الوفاء من سمات المؤمنين المتقين، قال تعالى: « وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ » (البقرة: 177).
اقرأ أيضا:
قلب المؤمن بين الرجاء والخوف .. أيهما يجب أن تكون له الغلبة ليفوز برضا الله وقبول عمله؟صفة الرجال
أيضًا اتفق جميع العلماء أن الوفاء من صفات الرجال العظماء، هكذا أمرنا الله تعالى أن نكون، وعلى هذه الصفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان عليه من مكارم الأخلاق.
كان صلى الله عليه وسلم يفي بعهده، ولم يعرف عنه في حياته أنه نقض عهداً قطعه على نفسه، مصداقًا لقول الله تعالى في كتابه الكريم: « وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ » (النحل: 91، 92).