يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ».. دار المقامة هي الجنة، لأنها الدار التي سيقيم فيها ساكنها خالدا فيها دون أن يتحول عنها، اللهم اجعلنا منها.

فالدنيا ليست إلا معبراً للآخرة، وطريق موصل إليها، قال تعالى: « يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ».

ومن ثم كان لزامًا على كل مسلم أن يتحدى نفسه ليثبت فؤاده، طمعًا في جنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للمتقين، قال تعالى: «۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ» (آل عمران 133).

مكان الجنة

حدد العلماء مكان الجنة في السماء السابعة، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى».

وفي ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «الجنة في السماء السابعة، ويجعلها الله حيث شاء يوم القيامة، وجهنم في الأرض السابعة»، وأما عرض الجنة، فقد قال الله تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ»، وأما الوصف فهو ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، يقول المولى عز وجل في ذلك: «فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعدت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».

اقرأ أيضا:

آل عمران العائلة المباركة المصطفاة.. هذا أصلها وتلك فروعها

هذا الأدنى فما بالنا بالأعلى؟

يروى أن نبي الله موسى عليه السلام سأل ربه : ما أدنى أهل الجنة ؟.. فقال سبحانه عز شأنه : هو رجل يجيء ( يخرج من النار حبواً ) بعدما أُدخل أهل الجنةِ الجنة َ، فيُقال له : اُدخلِ الجنة .

فيذهب الرجل يأتيها ، فيخيّل إليه أنها ملأى ، فيرجع فيقول :

يا ربّ وجدتها ملأى ، فقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخَذاتِهم .

قال العزيز الكريم : أترضى أن يكون لك مثلُ مُلـْكِ مَلـِكٍ من ملوك الدنيا ؟

فيقول : رضيت ؛ يا رب ، ولكنْ أتسخر بي ، أوَ تضحك بي وأنت الملِكُ ؟

يقول الله تعالى : لك ذلك ،ومِثْلهُ ، ومثلُهُ ومثلهُ ومثلُه ُ.

يقول العبد : رضيتُ ؛ يا ربّ ، رضيتُ، ما أكرمك- ربِّ – وما أوسع فضلَك !

يقول تعالى : هذا لك ، وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسُك ، ولذ ّتْ عينُك .

يقول العبد : رضيت ربّ ، فلك الحمد ، ولك الشكرُ ، لستُ أهلاً لذلك ، لكنّك أنت الكريم المتفضّل .

قال موسى عليه الصلاة والسلام : هذا أدنى أهل الجنة! ، فمن أعلاهم منزلةً ؛ يا ربّ ؟.