التجسس، هو المعروف بالتنصت على الناس، دون درايتهم، وهو أمر نهى عنه الإسلام جملة وتفصيلا، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ» ( الحجرات 12)، كما حملت السنة النبوية العديد من التحذيرات التي تمنع هذا الأمر، فعن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال».
معنى القيل والقال
وأما معنى «قيل وقال»: هو الخوض في أخبار الناس وأحاديثهم، بما لا يجر أي نفع ولا يأتي بأي خير، ولا يكسب فيه حسنة، بل لا يسلم القائل فيه من سيئة، ولذك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر صحابته من الخوض في المسائل، خصوصًا إذا كانت تحمل بين طياتها هتك عرض، أو فضح ستر امرئ مسلم.
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: « كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها»، وما ذلك كله إلا لأن هذا النوع من القيل والقال، إنما هو التجسس المنهي عنه، وعليه فلا يجوز لأحد رواية أي شيء لا يعلم صحته، أو نقل خبر لم يتثبت منه، قال تعالى: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ»، والمراد هنا هو النهي عن كثرة الكلام والثرثرة الفارغة .
اقرأ أيضا:
4 أشياء تمنعك شفاعة النبي يوم القيامة .. تعرف عليهاالفضول الذي يقتل صاحبه
هذا النوع من التجسس، من تتبع أخبار الناس لحظة بلحظة، إنما هو الفضول الذي يقتل صاحبه، والمعنى أنه لا يعود على صاحبه إلا بالشر والمصائب، بل إن الله عز وجل يتوعده.
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته»، كما يتضمن «القيل والقال» أيضًا حرمة النميمة والغيبة، لأن تبليغ الكلام من أقبح الخصال، والإصغاء إليها أقبح وأفحش، لذا على كل مسلم يؤمن بالله عز وجل حق الإيمان أن يبتعد عن مثل هذه الأمور تمامًا، بل ويحذرها تمامًا.