اسم الله ( الشكور ).. من الأسماء التي تحتاج منا لوقفة كبيرة لمعرفتها، خصوصًا أنه على وزن فعول أي مستمر ودائم.. فكيف ذلك؟
بداية عليك أن تدرك أن حزنك الزيادة عن الطبيعي بشأن أي شيء فقدته مهما كان، إنما هو علامة على عدم توازنك.. نعم الحزن من الفطرة، والمشاعر كلها موجودة بداخلك بنسبة وبقدر التي تجعلك لا تصل لمراحل وجع و عذاب لا تعرف كيف تخرج منها أو ترجع عنها ، فتلهيك عن دورك في الحياة، وعن وجود رب خالق .. تستمد منه اللطف و النصر والمدد ..
باختصار: حزنك الزيادة عن اللزوم علامة على أن تعلقك بالمفقود كان زيادة عن التعلق المسموح به !
خطوات الفقد الطبيعية
لكن أوتدري ما هي خطوات الفقد الطبيعية .. هي أنك تفقد فتحزن و تتوجع فتستمد المدد بأي شكل من الله عز وجل، فترجع تتزن .. فتؤدي دورك في الحياة بشكل عادي .. هذه اسمها آليات ( الشكر ) !
الشكر الحقيقي حالة مركبة من الإدراك بطبيعة الدنيا و التعرف على خالقها وتلبية أوامره مهما كانت العقبات .. وبالتالي فإن استمرارك هو لُب معنى الشكر .. هو أنك تلبي وتطيع حتى وأنت غير قادر .. هذا هو الشكر العملي الذي استمديته من معنى اسم الله الشكور ..
الشكور : يعطيك على الشيء القليل الشيء الكثير .. فأنك تستطيع أن تعطي في (عز منعك) فأنت طبقت الشكر .. وهذه هي الآلية الوحيدة التي ستخفف عليك الوجع والعذاب .. وهذا أيضًا المعنى الحقيقي لقوله تعالى: ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ )، شرط عدم عذابك أنك تتعلم كيف تشكر .. ولو أصبح هذا الشكر حالة و عادة .. فستتخلق بخلق الشكر في كل أفعالك ..
اقرأ أيضا:
قلب المؤمن بين الرجاء والخوف .. أيهما يجب أن تكون له الغلبة ليفوز برضا الله وقبول عمله؟اتزان التعاملات الإنسانية
الشكر من أهم أبواب التعاملات الإنسانية، واتزانها ومستحيل أن تكون قد طبقت الشكر مع الله عز وجل بشكل صحيح، ولا تطبقه مع الناس !.. لأن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: (مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّه ).. لكن مع الوقت ستدرك أن شكر الناس أصبح عادة.. ولكن حينما تصل إلى هذه المرحلة ستعلم أنك تحررت يقينًا من البشر .. وضعتهم في حجمهم الحقيقي، وهذا أولى خطوات القلب السليم الذي يعرف يقَدَّر و يعذر ويسامح و يتغافل !! ..
لذلك فإن الشكر من أهم مداخل الإيمان !.. وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم: ( إن الإيمان نصفان ،نصف شكر ونصف صبر ).. باعتبار أن الإيمان إما تلبية فعل مأمور فهو شكر، أو ترك محظور فهو الصبر ..
الخلاصة: الشكر معنى عظيم سيحفظ لك اتزانك في الحياة !!.. وهو ما يؤكده المولى عز وجل في قوله تعالى: (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ).