وحاتم ان مضرب الأمثلة في الجود والسخاء حتى إنه كان يمدح نباح الكلاب التي كانت تدل الضيفان عليه وغير ذلك مما تناثر ذكره .. وأمثال هؤلاء كثير منهم أم معبد في  التي أكرمت رسول الله في طريقه للهدرة ومنهم حماية المطعم بن عدي له، وهذا المعروف يتمثل في كونه أركب الرسول صلى الله عليه وسلم على إبل له.. وكل هؤلاء لم يسلموا وماتوا على الجاهلية.. فهل لهم أجر في الآخرة؟

لقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا السؤال فقد رويت عدة أحاديث في حاتم بصفة خاصة والأمر يشمله وغيره ممن على شاكلته وهذه الروايات بعضها ضعيف وبعضها حسن فقد سأل عدي بن حاتم قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبي كان يصل الرحم ويفعل ويفعل فهل له في ذلك - يعني : من أجر - ؟ قال : " إن أباك طلب شيئاً فأصابه، وفي رواية عن عدي بن حاتم قال : قلت : " يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ، وكان يفعل ويفعل ، قال : إن أباك أراد أمراً فأدركه يعني : الذِّكر؛ أي يحب أن يذكره الناس بالخير ومعنى هذا أن لا ثواب له في الآخرة فقد عدل له ما يبغاه في الدنيا، ومعنى أنه كان يحمل الكلّ أنه كان ينفق على الضعيف والفقير واليتيم والعيال وغير ذلك.

يقول ابن كثير في البداية والنهاية  في معرض حديثه عمن مات من أعيان الجاهلية أن نفع ذلك في الآخرة أي : ( مشروط ) بالإيمان ، وهو ممن لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .

غير أن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم ابنة حاتم الطائي كما ورد، فقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق خبر مقدم ابنة حاتم ‏الطائي في الأسرى فقالت :( يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب ‏فإني بنت سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويطعم ‏الطعام ،ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي . فقال صلى الله ‏عليه وسلم " يا جارية هذه صفة المؤمنين حقاً، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلوا عنها ‏فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق".

الثابت أن حاتم الطائي مات مشركاً ولم يسلم، ومن ثم لا يترحم عليه وأن ما فعله وأمثاله من أفعال خير يعجل لهم بها الثواب في الدنيا وليس لهم في الآخرة ثواب ولا أجر. ومن لطائف ما يذكر في هذا  أن نحب وقوع الأعمال الصالحة ومكارم  الأخلاق ممن يفعلها ولو كان على غير الإسلام ويكرم أهلها لهذا وليس أدل على هذا مما فعله الرسول مع ابنه حاتم الطائي.