جميعنا بلاشك حاول اللجوء يومًا إلى مفسر للأحلام، لكن هل منا من سأل نفسه يومًا، هل تفسير الأحلام هذا علم قائم بذاته، أم أن الأمور تسير كما يقولون (بالسليقة)؟.. بالفعل تفسير الأحلام علم قائم بذاته، وأول من أوجد هذا العلم، واشتهر به، هو الإمام محمد بن سيرين.. فمن هو هذا الرجل؟.


في تفسير الأحلام هناك اشتباك بينه وبين (البدع)، فترى البعض يفسر على طريقة (الشعوذة)، لكن ابن سيرين، وضع أسس لهذا العلم، تجعل الوصول للتفسير كأنه حقيقة ثابتة، مبنية على أسس بعينها، ومما ذكره عنه الإمام الذهبي قال: «عن عبد الله بن مسلم المزوي قال: كنت أجالس ابن سيرين فتركته وجالست بعض أهل البدع؛ فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم فأتيت ابن سيرين فذكرته له، فقال: مالك جالست أقوامًا يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم».

من هو ابن سيرين؟

الإمام محمد بن سيرين.. هو شيخ الإسلام أبو بكر الأنصاري البصري، مولى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد في آخر خلافة الفاروق عمر ابن الخطاب، سمع أبا هريرة، وأنسًا، وابن عباس، وابن عمر وغيرهم من الصحابة، وروى عنه خلق كثير من التابعين.. وقد توفي رحمه الله بعد الحسن البصري بمائة يوم، سنة عشر ومائة للهجرة.


واشتهر ابن سيرين في تفسير الأحلام كما سبق وأشرنا، ولكن بربطه بالعلم، وليس كبدعة مطلقة، كما حدث بعد ذلك في عصور لاحقة عليه، ومما ذكره عنه الإمام الذهبي قال: «إن رجلاً قص على ابن سيرين فقال: رأيت كأن بيدي قدحًا من زجاج فيه ماء فانكسر القدح وبقي الماء، فقال له: اتق الله فإنك لم تر شيئًا، فقال: سبحان الله، قال ابن سيرين: فمن كذب فما عليَّ؛ ستلد امرأتك وتموت ويبقى ولدها.. فلما خرج الرجل قال: والله ما رأيت شيئًا ! فما لبث أن ولد له وماتت امرأته».

اقرأ أيضا:

يغتال العقل أكثر من الخمر ويخدع العلماء.. ما لم تسمعه عن الطمع

كتاب تفسير الأحلام

لاحق ابن سيرين بعض الشائعات التي فندها أعلم العلم بعد ذلك، ومنها نسب إليه كتاب (تفسير الأحلام)، والدليل على أن الكتاب ليس لابن سيرين، بحسب وصف الكاتب هو الكتاب نفسه، لأن فيه ذكر أسماء بعض الصالحين ولدوا بعد ابن سيرين بمائة سنة أو مائتين، أمثال بشر بن الحارث الحافى، الذى ولد سنة 152 ومات سنة 227هـ، ومن ثم فقد أرجع بعض أهل العلم الكتاب إلى أبو سعيد الواعظ، مشيرا إلى أن الأخير جمع ما تناقل عن ابن سيرين ونسبه إليه، إلا أن الكتاب فيه الصحيح والضعيف والخطأ والصواب.. وفى سيرة ابن سيرين التى جاءت فى كتاب " تاريخ الأدب العربي - المجلد الأول - الجزء 4" تأليف الدكتور فؤاد سزكين، ذكر الأخير أن ابن سيرين كان حجة وأسطورة فى تفسير الأحلام، غير أنه لا يوجد دليل على أنه هو من ألف تفسير الأحلام، أو حتى له رسائل فى هذا أم لا.