إذا حلف شخص بقوله "يحرم علي ديني إن فعلت كذا "، فعله، فهل يصبح دينه محرما عليه فعلا، أي إنه يصبح كافرا ؟ وإن كان فيها كفارة يمين، فهل يعني ذلك أنه كافر إلى أن يدفع الكفارة ؟ فقد حلفت بهذا القول، وندمت، وتبت منه، ونطقت الشهادتين، ولكني أخاف ان يكون ديني محرماً علي بسبب هذا القول.
تبين لجنة الفتوى بــ"سؤال جواب" أنه من حلف فقال: يحرم عليَّ ديني إن فعلت كذا، فإن فعله فعليه كفارة يمين، ولا يحرم عليه دينه، ولا يكفر بذلك، لكنه قال منكرا، وهو كقوله: هو يهودي ، أو بريء من الإسلام إن فعل كذا، ولا يكفر لأنه لا يريد ترك دينه، بل هو يشدد على نفسه ويبغض إيقاع الفعل كما يبغض الخروج من دينه.
وتضيف: أن التوبة واجبة من هذا الحلف، لأن الحلف بالحرام وبالبراءة من الدين لا يجوز فقد روى أبو داود عن بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
ومعنى قوله: وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا : أي أنه يأثم بذلك، يقول صاحب عون المعبود لأن فيه نوع استخفاف بالإسلام ، فيكون بنفس هذا الحلف آثما.
وتوضح: وهذا الحالف إذا لم يحنث لم تلزمه كفارة يمين، كما هو ظاهر؛ وإن كانت تلزمه التوبة من هذا القول المنكر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا. أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ : فَلَا يَكْفُرُ ؛ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وتضيف: قال رحمه الله: " ولو حلف بالكفر فقال: إن فعل كذا فهو بريء من الله ورسوله، أو فهو يهودي أو نصراني: لم يكفر بفعل المحلوف عليه، وإن كان هذا حكما معلقا بشرط في اللفظ؛ لأن مقصوده الحلف به ، بغضاً له ، ونفورا عنه، لا إرادة له".