بعض الأقدار تكون قاسية جدًا، غير أن مما يهونها أن الله سبحانه وتعالى هو الذي قدرها، فضلا عن أن الدنيا فترة انتقالية غير دائمة، فليطمئن القلب.. فمن أراد أن يعيش جنة الدنيا فعليه الإيمان بالقدر مهما كان، فحينما سئل رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور عن معنى الإيمان فقال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره».. إذن الرضا بالقدر مهما كان من صحيح الإيمان، ومن تمام إيمان المسلم، فعلى الجميع أن يؤمنوا بمشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، وهو الإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلاّ بمشيئة الله سبحانه، لا يكون في ملكه إلاّ ما يريد، وأنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
أمر نهائي
فالقدر هو ما كتب للعبد في اللوح المحفوظ، وبالتالي الأمر مقدر سلفًا، وما الاعتراض عليه بالذي يمنعه، وإنما اليقين في الله عز وجل هو الذي يرفعه، وعلينا أن ندرك جميعًا أن أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فقد جفت الأقلام، وطويت الصحف، كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكما قال الله سبحانه وتعالى: « أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّ ذالِكَ فِى كِتَابٍ إِنَّ ذالِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ » (الحج:70) وكما قال أيضًا سبحانه وتعالى:« مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ » (الحديد:22).
اقرأ أيضا:
كيف يزيد الايمان وبنقص؟ وما أثر ذلك على العمل والاستقامة على الحقمشيئة الله
فإذا اعترض الإنسان على قدر ما أو قضاء ما حل به، ما الذي يمكنه من فعل أن يغير من هذا القدر؟.. ولا أي شيء على الإطلاق.. لكن الاستسلام لقضاء الله وقدره، إنما هو التغيير الحقيقي، فكل إنسان لابد وأن يبتلى حتى يميز الله الخبيث من الطيب، فهذه سنته في الأرض سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة»، قال: «وكان عرشه على الماء».. إذن مشيئة الله نافذة وليس لنا إلا أن نرضى ونحمد الله على السراء والضراء، قال تعالى: «لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ » (التكوير:28، 29).