تضمن خطاب القرآن الكريم في مختلف مراحل النبوة دروس عديدة في الأخلاق.. لم يترك شيئًا أبدًا بدءًا من دروس المروءة.. إلى دروس في الإنصاف والعدالة والاعتدال والكرم.. ودروس لا تنتهي في الأخلاق العالية.. في العفو والصفح.. في الود والتراحم.. في استيعاب واحتواء كل خلق الله على تنوع مشاربهم..

بل ترى آية واحدة تدعو لأكثر من خلق واحد، كقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ » (النحل: 90)، فاللهم ارحمنا بالقرآن يا رب العالمين.. واجعل نصيبنا من هذه الحياة أن نكون رحماء بغيرنا.. مهما اختلفوا معنا.. ومهما اختلفوا عنا.. وصل يا رب على حبيبك محمد القائل عن نفسه: «إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ».

لماذا لا نتعلم من القرآن

القرآن الكريم.. هذا الكتاب المكتمل الأركان لا شك في ذلك، وما من مسلم حين تسأله عن القرآن، إلا ويقول لك أجد فيه الراحة والسكينة.. وحينما أبحث عن شيء ما لابد أن أجده بداخله.. إذن لماذا الهجر؟.. ولماذا البعد عن هذا الكتاب العظيم الذي منحنا الله عز وجل إياه دون مقابل.. فقط نهتم به ونقرأه ونعتاد ما فيه، ونحسنه.. ثم نتعلم منه.. وخصوصًا الأخلاق..

لذلك تضمن القرآن العديد من الآيات التي تحث على مكارم الأخلاق، وبالتأكيد أبرزها وصفه الكامل لأخلاق المؤمنين، في قوله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (المؤمنون: 1 - 11)، أي أن الالتزام بهذه الأخلاق يسيرك فورًا مع المؤمنين، وهل هناك أفضل من ذلك؟.

اقرأ أيضا:

أمر محرم بهذا الوقت في يوم الجمعة ويأثم جميع أطرافه.. احذر أن تقع فيه فتفسد جمعتك

أن تتعلم البر من القرآن

القرآن ليس فقط يتضمن آيات توصلنا إلى مسلك المؤمنين، وإنما أيضًا إلى البر.. وهي درجة من التقوى لا يصل لها كثير من الناس.

قال تعالى: «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ » (البقرة: 177)..

فقط حقق هذه الأمور تصل لهذه المرتبة.. من منا حاول أو سعى ولو لمرة واحدة أن يكون من الأبرار؟.. ربما أقل القليل إن لم يكن لم يفعل ذلك.. عزيزي المسلم سر في طريق القرآن تتخلق بكل الأخلاق الحميدة.. تبتعد عنه، لاشك ستصيبك عدوى الانحلال الأخلاقي لا محالة.