لقد أحاط الإسلام الأسرة بالعديد من التشريعات التي تحفظ استقرارهاو، ومن هذه التشريعات مراعاة حرمة البيوت؛ فقد تَوَعَّد كل من يفشي أسرارها، كما تَوَعَّد كذلك كل من يحرص على الاطلاع على هذه الأسرار بغير حق.

صيانة أسرار الزوجية هو من حقوق الزوجة على زوجها فقد ورد في ذلك من نصوص حتى اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك بأنه أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، وشَبَّه الزوجين إذا فعلا ذلك بالشياطين، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها)   وفي سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل، وفيه (هل منكم إذا أتى أهله أغلق بابه وأرخى ستره، ثم يخرج فيحدث، فيقول: فعلت بأهلي كذا، وفعلت بأهلي كذا، فسكتوا، فأقبل على النساء، فقال: هل منكن من تحدث، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع كلامها، فقالت: أي والله، إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن، فقال: هل تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانه لقي أحدهما صاحبه بالسكة قضى حاجته منها والناس ينظرون إليه) 

ولا يتوقف الأمر على حفظ أسرار البيت والعلاقة الزوجية على الأجانتب فقط بل حتى ولو كان لأهلها، وإن كان للأجانب أفحش، وخاصة إذا كانوا رجالا، أو نساء غير مؤتمنين وتعلق الأمر بأسرار الفراش ومشاكل المرأة مع زوجها فيه ؛ إذ كثيرا ما ينتهي الأمر بسقوط مثل هذه المرأة في بحر الرذيلة، وأسوأ حالا من يحتفظ كل طرف للآخر بملفات ووثائق سرية وصور خاصة وملفات فيديو ونحوها فيها توثيق لارتكاب فعل فاضح أو علاقة محرمة، ويهدد كل طرف بها الآخر لابتزازه والحصول منه على ما يريد من أموال أو تنازلات عن حقوق ونحوها.

 وعلى الجانب الآخر لا يجوز للمرأة أن تبوح بما لا بد منه من غير زيادة، ومثل ما تقدم: أن تتحدث المرأة أو الرجل مع طبيب فيما يتعلق بمشاكلها الصحية مع زوجها، ويجب أن يكون ذلك بحضور زوجها أو محرم، أو القاضي عند التنازع، أو تبث شكواها لأهلها فيما لا تستطيع تحمله من مظالم أو أحوال مع مراعاة ضوابط الستر وعدم شيوع المشكلة في الصحف وغيرها.

إن هذه الصور التي انتشرت تهدد استقرار الأسرار وتدعو لانهيارها وكثير من ساحات القضاء مكتظة بمثل هذه المشكلات التي تنتهي  معظم الأحيان بالطلاق ويتحمل الأولاتد نتيجة ما لم يتسببوا فيه، وهو ما يدعونا لمراجعة أنفسنا في هذه الأيام المباركة خاصة في أواخر رمضان ونفحات ليلة القدر المباركة لعلى ننجو من هذه المهلكات.