أخبار

اسم الله "العدل".. كيف تقتدي به لتكون عادلاً مع نفسك ومع الناس؟

مزاح زوجي ثقيل ومزاجه كئيب.. ما الحل؟

مطلقة وابني المراهق أتعبني نفسيًا لأنه "بصباص" كما أعمامه.. كيف أتصرف؟

من أسرار حسن الخاتمة.. كيف تسبق إليها؟

الحق ثمنه غال ولا يباع على الأرصفة.. كيف تقتدي بإبراهيم وتكن من أصحابه؟

هل الزواج في شهر شوال مكروه؟

غزوة حنين ..وقعت في شوال فكانت درس عدم الاغترار بالقوة واليقين في نصر الله

لا تكافئ عبادة رمضان بالمعصية في شوال.. كيف تستمر؟

هل يعاقب المسلم على ترك صيام الست البيض من شوال؟

هل هناك تجارة فاشلة مع الله؟!.. توقف عن هذه الأخطاء فورًا في الصلاة قبل أن تحبط عملك!

الإيمان والعصر (حلقة 6 ) ـ الأخلاق .. أخلاق الإنطلاق

مازلنا مع أول  شيء نحتاج إلى التجديد فيه..  الأخلاق

بعدما تكلمنا عن رد اعتبار الأخلاق ونعيد لها الأولوية في ديننا.. يأتي السؤال: أي أخلاق  بالتحديد نريدها.. فالأخلاق عدد لا نهائي.. حدد هدفك أولًا، ثم أقول لك ماذا تحتاج إليه من أخلاق.

فكما أنه لا يصح أن يكون هناك مريض بالكبد وتعطية دواء للصداع وتقول له كل الدواء مفيد، فكذلك الأخلاق.. ماذا تريد أنت ؟ ما هي أهدافك ؟ ما هي احتياجاتك ؟ وقتها نستطيع تحديد أي نوع وأي مجموعة تحتاجها!

هناك شيء اسمه منظومة الأخلاق وهي ببساطة مثل هرم، قمته عدة أهداف مطلوب تحقيقها وتتكون قاعدة الهرم من عدد من الأخلاق من 10 أو 15 خلق تحقق هذه الأهداف.

                                                    الأهداف

          الأخلاق

اتحدى أن يكون هناك من يعرف ماهي منظومة الأخلاق المطلوبة في بلادنا.

(1) ليس عندنا أي تصور لمنظومة الأخلاق التي تحتاجها بلادنا.. لايوجد مدير مدرسة أو رئيس جامعة يعرف ما هي منظومة الأخلاق المطلوبة.. ولا يوجد أب أو أم يعرفان ذلك!

(2) كذلك فإن الدعاة والعلماء ليس لديهم علم بماهي منظومة الأخلاق المطلوبه .. وإنما خطبة جمعه عن الأمانه وأخرى عن الصدق وهكذا دون هدف أو خطه واضحه.

فكانت البدائل تقليد أعمى بدل الإبداع.. كسل وعدم نجاح ونوم بدل الإنجاز.. صراع ودماء وكراهية وغل بدل التعايش.

ولكي  نحدد منظومة الأخلاق التي نحتاجها سأبدأ بسؤال

هل أنت إنسان مبدع ؟ هل أنت إنسان منجز ؟ هل أنت إنسان قادر على التعايش مع الناس ؟ هل فيك هذه الثلاثة.. هل أولادك فيهم هذه الثلاثة ؟

ما هو آخر شيء أبدعته في مجالك في السنة الماضية ؟ هل تتذكر منها شيئًا ؟ اذكر أفضل خمس إنجازات حققتها العام الماضي؟ هل أنت صديق لعائلتك وكم عدو حولته لصديق ؟ هل أنت متعايش مع الناس وتتعامل معهم بحب وود؟

لكي تتقدم بلادنا نحتاج إلى جيل فيه هذه الصفات الثلاثة (إبداع - إنجاز - تعايش).. ودور الدين أن يقدم أخلاقًا تؤثر في الشباب، فيخرج جيل من أمثال: أحمد زويل «منجزين»، وستيف جوبز «مبدعين»، ونيلسون مانديلا «متعايشين»، هذا هو بالتحديد المطلوب.

لكن ماهي أهم الأخلاق التي نربي عليها أولادنا حالياً في البيت أو المدرسة أو المسجد أوالمجتمع عمومًا فإنها تركز على مجموعة من الأخلاق مثل: الأدب - الاحترام خاصة الكبير - الطاعة - الانضباط - الصدق والأمانة.. هذه الأخلاق ضرورية... إنها تحافظ على المجتمع من الانهيار.. سميناها «أخلاق البقاء».. إنها تمثل أخلاق «بقاء» للمجتمع وتحقق صيانة للمجتمع.. لكنها أخلاق لا تدفع المجتمع «للانطلاق» نحو قيم الإبداع و الإنجاز و التعايش.. وهي القيم التي نحتاجها بشدة الآن في بلادنا؛ لأن الوضع المتأزم الذي تمر به بلادنا اليوم سواء من فقر وكسل وخمول...أو جمود وتبعية وتقليد أعمى... وكذلك من صراع وصدام وعنف وتطرف... كل هذه المصائب أحدثت انهيار اقتصادي وانهيار اجتماعي وكلاهما يحتاج منظومة أخلاق جديدة تحقق احتياجات العصـر من التعايش والإبداع والإنجاز.

أخلاق البقاء لم تعد تكفي وحدها لدفع المجتمع نحو الإبداع أو الإنجاز أو التعايش؛ لأن هذا ليس دورها.. إن دورها الحقيقي هو صيانة وحماية المجتمع الناضج المنطلق نحو تحقيق أهدافه.. فإذا جمد المجتمع وسكن في مكانه لن تستطيع أخلاق البقاء دفعه للأمام، بل ولن تقوى أخلاق البقاء على حمايته وصيانته، بل ستتحول هي نفسها إلى شكل جامد تقليدي يلتزم به الناس من باب العادات والتقاليد دون تذوق لمعنى هذه الأخلاق، ثم يبدأ المجتمع في التحايل عليها للتخلص منها وهو الوضع الذي نمر به الآن.

ولكن  ماهو المطلوب ؟ 

نحن نحتاج لمنظومة أخلاق جديدة مناسبة لاحتياجات شبابنا وبلادنا.. هذه المنظومة سميناها «أخلاق الانطلاق»، ولها ثلاثة أهداف هي: (الإنجاز، والإبداع والتعايش)، وتتحقق بعشـرة أخلاق هي: «الحب - التسامح - السلام - الرحمة والإنصاف - الإحساس بالآخر- المبادرة والهمة العالية - الطموح - التعاون - الأمل - البساطة».   

وكل مجموعه من العشرة تخدم هدفًا..

الحب - التسامح - السلام - الرحمة - الإحساس بالآخر: تحقق التعايش.

التعاون - الأمل - الإحساس بالآخر: تحقق الإنجاز.

المبادرة والهمة العالية - الطموح - البساطة – الأمل: تحقق الإبداع.

نحتاج أخلاق الانطلاق قبل أخلاق البقاء.. لنبدع / لننجز / لنتعايش..

القاطرة هي أخلاق الانطلاق..

ما قيمة سور يحمي مبنى غير موجود ( صورة ) ؟

ما قيمة سور يحمي قاعدة إطلاق صواريخ غير موجودة ( صورة ) ؟

أخلاق الانطلاق كلها فاعلية.. كلها خيرية.. فكرة الدواء والمادة الفعالة.

نحتاج هرم أخلاق الانطلاق ( صورة هرم ) !

ستقول لي: آباؤنا تربوا على الأدب والاحترام والانضباط ونجحوا!

أقول لك: نجحوا لأنهم كان عندهم أخلاق انطلاق.. الآن ضاعت.. نحن نربي أولادنا على قديمة أين العصر ؟ لابد أن نبدأ بأخلاق الانطلاق.

لا أدعي أن كلامي هذا نهائي، ولكنه اجتهاد.. نفكر فيه.. نتحاور فيه.

حرام علينا أن نظلم أولادنا وشبابنا ونقول أن ليس لديهم أخلاق!

لماذا لسنا مجتمع - متعايش - منجز - مبدع.. لأن ليس عندنا أخلاق انطلاق.. قصة ذيل السمكة.

أخلاق الانطلاق عندما تختفي يحصل الذي عندنا الآن من صراع وغلٍّ وكراهية ودماء بدل التعايش، وفشل وكسل بدل الإنجاز، وتقليد أعمى بدل الإبداع.

أخلاق الانطلاق فيها أشياء رائعة.. كلها فاعلية - كلها حيوية - مثل تركيبة الدواء، فهي إعادة الفاعلية.

(1) يغذي بعضها بعضًا، ويجيب بعضها بعضًا (سلسلة الساحر)، فلو جاءت واحدة تأتي بالعشرة العشرة، فالحب يُولِّد التسامح، وكلاهما يُولِّد الرحمة، والطموح يُولِّد المبادرة، وكلاهما يحتاج للأمل، مما لا يُعطي الفرصة لمثل داعش أن تخرج أبدًا، ولن تجعل الملحد لديه حجة على أن الإسلام ليس إنسانيًّا، بل كله إنسانية.

(2) هي مثل نسيج واحد له ثلاثة أهداف و عشـرة أخلاق، فتنتج شخصية متناسقة مثل لوحة متناغمة الألوان، فهو إنسان مسلم طموح بسيط.. كله تناسق، بعكس أن تربي ابنك دون منظومة مثل لوحة نشاذ.. فهو مبادر طموح، لكنه عنيف متطرف في انفعالاته. نعرض لوحتين

(3) هي أقرب للنفس؛ لأنها مرتبطة بالحرية، وليس بالإجبار أو الإكراه، والشاب يحب الحرية، فهذه أقرب فكرة للشباب؛ لأن فيها حرية وعدم تقييد الشباب الغاضب من القيود.. تخيل لو كل الأخلاق التي نكلمهم فيها هي الحب والسلام.

(4) أخلاق منفتحة (حب - سلام - أمل)، وليست أخلاقًا مغلقة تُنتج تطرفًا.

يا شباب جربوا هذا الكلام.. قمت بتجربة هذا على عشـرة أشخاص ووجدت نتائج رائعة.

وهذا ليس كلامًا نهائيًّا.. تعالوا نحاول ونجرب ونتحاور جولها وهي ليست موجودة في كتب، ولا يعرفها الغرب.. اختراع جديد من ديننا.

تعريف أخلاق الانطلاق.. مجموعة أخلاق دافعة لانطلاق المجموعة نحو ثلاثة أهداف، أخلاق الانطلاق عبارة عن منظومة جديدة نعرضها للحوار (رسمة هرم) ثلاثة أهداف.. عشرة أخلاق.

هل أخلاق الانطلاق لها أصل في ديننا.. النبي وشخصية النبي بين أخلاق الانطلاق والبقاء.. وأخلاق الصحابة ماذا كانت ؟

قمت بعمل دراسة عن أخلاق الانطلاق في سيرة النبي ـ صلى الله عليه سلم ـ فوجدت أنها هي أخلاق الرسالة.

أخلاق الانطلاق هي أخلاق  رسالة النبي صلى الله عليه وسلم (في  المرحلة المكية): 

(1) السنة  الثالثة للرسالة: الجهر بالدعوة، ويصعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جبل الصفا وينادي على قبائل قريش ليعلن الدين الجديد. هذا أحد أخلاق الأنطلاق (المبادرة والهمة العالية).

(2) السنة الخامسة للرسالة: إسلام عمر بعد دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَدِ  الْعُمَرَيْنِ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ أَوْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ»هذا أحد أخلاق الأنطلاق " الإنصاف " فرغم عدواتهما الشديدة لم ينسى صفاتهما الجميله. 

(3) السنة السابعة للرسالةالهجرة إلى الحبشة، واختيار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ملك الحبشة المسيحي ليهاجر لبلده المسملون ويمدحه بقوله: «هُوَ مَلِكٌ لَايُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ». (الأنصاف - الإبداع في إيجاد الحلول الذكية للمشكلات).

(4) السنة  التاسعة للرسالة: رحلة الطائف. السفر مائة كيلومتر ماشيًا لدعوة أهل الطائف للأسلام! (الأمل - والمبادرة - والهمة العالية).

رفض أهل الطائف للإسلام ورميهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحجارة ونزول ملك الجبال ـ عليه السلام ـ يعرض على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إهلاكهم: «لَوْ شِئْتَ أُطْبِقُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ».. ورد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «لَا..  عَسَى اللهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ بَيْنِ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ». (الحب – والتسامح – والسلام - والطموح).

(5) السنة  العاشرة إلى الثالثة عشر للرسالة: دعوة القبائل للإسلام في موسم الحج ورفض ستة وعشـرين قبيلة مع إصرار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى وجد ستة من شباب الأنصار في آخر أيام منى وهم يحلقون رؤوسهم في نهاية الحج. (المبادرة - والهمة العالية – والأمل).

 
  
 

 

أخلاق  الانطلاق في المدينة.. (لقطات):

(1) الهجرة  إلى المدينة: خطة الهجرة كلها إبداع، فلم تقدر قريش برجالها وقادتها وأموالها وفرسانها على الوصول لمكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغم أنه هاجر وحده مع أبو بكر. (الإبداع).

(2) استقبال الأنصار للنبي عند دخوله المدينة بأغنية طلع البدر علينا. (الحب والبساطة بلا تعقيد).

(3) أول خطبة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند دخول المدينة: «أَيُّهَا  النَّاسُ.. أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ؛  تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ». (السلام والرحمة والأحساس بالآخر).

(4) إعداد دستور المدينة الذي اعترف باليهود كأمة مع المسلمين، وإعطائهم حرية الاعتقاد وممارسة شعائرهم. (المواطنة - التعايش - الإنصاف - السلام - الإبداع لأول دستور يؤمن بفكرة المواطنة في العالم).

(5) غزوة  بدر: وتغيير مكان المعركة بناء على رأي جندي بسيط اقترح مكانًا أفضل من الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم. (تدريب على الإبداع وعدم التقليد الأعمى).

(6) غزوة  أحد: قتلوا عمه وأسالوا دماء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يدعو لهم: «اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ  لَا يَعْلَمُونَ».. وسماهم قومه أي أهله، ولم يقل أعدائي أو حتى قريش. (الحب - الرحمة - التسامح).

(7) غزوة  الخندق: واعتماد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفكرة جديدة غريبة على العرب وهي حفر الخندق. (الإبداع).

(8) فتح مكة وعفو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قريش بعدما حاربوه ما يقرب من عشـرين عامًا ومع ذلك يقول لهم: «مَا تَظُنُّونَ أَنِّي فَاعِلٌ  بِكُمْ؟!» قَالُوا: أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ.. قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ». (الحب - التسامح – السلام).

(9) إرسال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرسائل لملوك العالم يدعوهم للإسلام. (تعايش).

(10) دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نصارى نجران للحوار وإنزاله لهم بالمسجد النبوي ليقيموا فيه، وكتابته عهد أمان لهم رغم أنهم لم يسلموا!
 (التسامح - السلام - الأنصاف).

أمهات الحديث النبوي تدعوا المسلم لأخلاق الانطلاق.

«الْمُسْلِمُ  مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». (السلام). وفي رواية أخرى: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ  النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».

«لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى  يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». (الحب - الأحساس بالآخر).

«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ  وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ  تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». (التعاون).

«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ  الرَّحْمَنُ». (الرحمة).

«الْمُؤْمِنُ هَيِّنٌ لَيِّنٌ  سَهْلٌ». (البساطة).

«يسروا ولا تعسروا.. بشروا  ولا تنفروا». (الأمل).

«بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا،  هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا  مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ  غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ؟!». (المبادرة).

* هذه نواه أربعين حديثًا على غرار الأربعين النووية في أخلاق الانطلاق.

* ثم إن كلمة حسن الخلق أصلًا هي كلمة انطلاق.. لأن الحسن ليس له منتهى.. فالحسن أفاق غير محدوده لانهاية لها..ولأن الجزاء من جنس العمل فحسن الخلق ثوابه غير محدود.. فالزكاة فرض لكن ثواب الصدقة غير محدود؛ لأنك رحيم تشعر بالآخر؛ فإن آفاقها غير محدودة: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ  اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [البقرة: 245].

أخلاق  الانطلاق.. أخلاق  الأنبياء:

مفتاح شخصية نوح(المبادرة والهمة العالية)، قال رب إني دعوت قومي ليلًا  ونهارًا (...) ثم إني أعلنت لهم وأسررت  لهم إسرارا♂.

مفتاح شخصية إبراهيم(الإبداع الفكري)، (الأسلوب العلمي للأجابة على الأسئلة الكبرى ).

مفتاح شخصية يوسف(الإبداع). (الاقتصادي - الإداري)، و(التسامح). (أخوته - زوجة العزيز).

مفتاح شخصية موسى وجوهر  رسالته(المبادرة).

مفتاح شخصية عيسى وجوهر  رسالته: (الحب).

مفتاح شخصية الرسول وجوهر  رسالته: (رحمة للعالمين).

أعظم من طبق أخلاق الانطلاق في العصر الحديث اليابان.

نماذج  دول تحولت إلى أخلاق الانطلاق مع الاحتفاظ بقدر من أخلاق البقاء.. 

التجربة  اليابانية

التجربة التاريخية تؤكد أن اليابان لم تتقدم إلا عندما وازنت بين منظومة أخلاق البقاء (العادات والتقاليد)، وبين أخلاق الانطلاق، لتكون ركيزة الإبداع والتقدم... فوضعت لنفسها شعار: تقنية غربية بروح  يابانية.

بالبحث في أدب الطفل الياباني، ووجدت موروثًا هائلًا من القصص الرمزية الجميلة التي تعمل على صياغة أخلاق اليابانيين بصورة فاضلة تحمل كل أنواع الخير والحب والعطاء، وإليك أحد هذه القصص الأسطورية التي تدرس للأطفال اليابانين في المرحلة الإبتدائيه:

خرج الفلاح الفقير ليحتطب يومًا في الجبال، فصادف في طريقه طائر غرنوق جريح، فما كان منه إلا أن احتضن الطائر وعاد به أدراجه إلى الكوخ فجعل يضمد جرحه ويطعمه إلى أن تماثل للشفاء فأطلق سراحه.

وبعد أيام، وفي وقت المساء، إذا بفتاة رائعة خارقة الجمال تدق باب الكوخ وتعرض على الفلاح الفقير أن يتزوجها، فأخبرها أنه فقير وليس لديه المال الكافي ليشتري مؤونة الشتاء، فطمأنته وأخبرته أنها تعلم كيف تساعده.

قَبِلَ الفلاح بهذا العرض الجميل، وتزوج الفتاة، وبعد أيام، عاد الفلاح من الجبال بحزمة من الحطب، فوجد زوجته الجميلة قد نسجت له ثوبًا حريريًا لامعًا وطلبت منه أن يذهب إلى المدينة لكي يبيعه ويشتري بثمنه مخزون الشتاء. فعل الفلاح ما طلبت منه زوجته، وهناك في المدينة، تفاجأ بأن التجار يسألونه باهتمام عن مصدر هذا الثوب وطلبوا منه أن يحضر المزيد من هذه الأثواب. أخذ الفلاح مبلغًا مجزيًا من المال وابتاع بثمنه كل ما يحتاجه لمؤونة الشتاء وعاد أدراجه إلى الكوخ، ليخبر زوجته بما حدث معه في المدينة، ونقل لها رغبات التجار بالحصول على المزيد من هذه الأثواب الحريرية الرائعة، وتكرر عملها له وتعود هو على ذلك.. وجاء الشتاء التالي وعاد يطلب منها.

 فقالت له: لا اعرف إن كان بإمكاني عمل المزيد منها، ولكن إذا وعدتني ألا تنظر من ثقب الباب وأنا أعمل فسوف أحاول، فوعدها بألا ينظر إليها كما طلبت منه. دخلت زوجته الغرفة وأغلقت الباب خلفها وبدأت تعمل، وبعد دقائق صدرت من الزوج شهقة عالية، فعرفت الزوجة أن زوجها قد حنث بيمينه؟ فماذا رأى الزوج عندما نظر من ثقب الباب ؟ لم تكن زوجته الجميلة هناك، بل كانت أنثى طائر الغرنوق تنزع من ريشها الأبيض الجميل فيستحيل حريرًا لامعًا.

قالت له: نعم، أنا ابنة طائر الغرنوق الذي عالجته يومًا في الجبال وقد أتيت لأرد لك حسن صنيعك، أما وقد عرفت الآن حقيقتي فلا يمكنني البقاء معك بعد الآن، وانطلقت إلى عنان السماء.

جمعت القصة أخلاق الانطلاق والبقاء.. فأساس القصة رجل لديه أخلاق انطلاق كلها رحمة وخير وحب للكون لكنه بقى بعد فترة من اعتماده عليها فقد فيها خلق الانطلاق القديم الذي كان عنده ففقد بعد ذلك خلق الأمانه ففقد كل شيء.

انتهت القصة.

لو حاولنا تفكيك مجموعة المباديء والقيم التي تصنعها القصة فسنجدها كما يأتي:

بدأت القصة بمبدأ الرفق بالحيوان وضرورة تقديم المساعدة له في حال الخطر.

ضرورة ملاحظة أن الكارثة حلت على الفلاح وفقد زوجته الجميلة ومعها فقد الحرير والمال فقط عندما كذب عليها وحنث بيمينه.

يلاحظ عدم وجود مبدأ الرعب والخوف كأساس لصياغة الأخلاق.

تجدر ملاحظة أن القصة قصيرة جدًا ولا تحتاج لوقت طويل لتعليمها، بينما تحفل لدينا كتب الأطفال بالكثير من القصص الطويلة والمملة والتي لا تحتوي هذا الكم من المباديء والقيم الرائعة. كذلك قارن بين الأحلام السعيدة التي يحياها الطفل الياباني مقارنة بالإرهاب البشع لعذاب القبر وأمنا الغولة عند تعليم أطفالنا الأخلاق. فهل هذه التربية تؤسس لأخلاق انطلاق؟!

ولا يجادل عاقل في أن الطفل المسلم يولد كما الطفل الياباني وأن الفروق التي تتكون في الشخصية بعد ذلك إنما تعود إلى التربية العاقلة والإنسانية التي يتلقاها الطفل الياباني مقابل التربية المعتمدة على التلقين التي يتلقاها الطفل المسلم، ولا يوجد حل للأمة العربية سوى بتغيير شامل لمناهج الأطفال لتحويلها الى تغذية أخلاق الانطلاق التي طالما تحققت في نفسية الطفل فإنها ستكون بعد ذلك منهج حياة له وتحقق أخلاق البقاء للمجتمع لأن من يحب يعطي ومن يرحم ينضبط ومن ينضبط يكن عادلًا صادق.

ثم شعب مبدع أولًا.. يعشق الإنجاز.. متعايش مع نفسه بتعاون نادر.. فصار عندهم أخلاق بقاء - احترام - انضباط.. ولولا الأولى لما يقت عندهم الثانية.

نحتاج غرس أخلاق الانطلاق في الأجيال القادمة في المدارس والمساجد والإعلام .

نحتاج حوار حول هذا الموضوع.. الأمل كبير في عودة الأخلاق لو تم تشارك. وجربوها حتى نعرف أمكانية تطبيقها..

لابد من عودة الفاعلية لديننا.. كتاب الأخلاق جزئين وعظي وتربوي للمؤسسات التعليمية.

استقصاء قياس أخلاق الانطلاق في شخصيتك..

(1) هل تفضل العمل ضمن فريق عمل أم تجيده أكثر وحدك ؟ ( 1 – 4 ).

(2) عندما تختلف مع شخص أو وجهة نظر هل تذكر مميزاتها مع عيوبها ؟ هل أنت منصف ؟ ( 1 – 4 ).

(3) هل لديك قدرة على مسامحة من ظلمك ؟ ( 1 – 4 ).

(4) هل أبدعت أي شيء جديد في أي مجال السنة الماضية ؟ ( 1 – 4 ).

(5) هل تعيش حالة من الأمل والتفاؤل في المواقف المختلفة في الحياة (حُلوها ومُرها) ؟ أم تغلب روح الأحباط والقلق والخوف من المستقبل ؟ ( 1 – 4 ).

(6) هل أنت شخصية إيجابية مبادرة أم أنت تابع لمن يبدأ أولًا ؟ ( 1 – 4 ).

(7) هل تحب نفسك وتقدرها ؟ ( 1 – 4 ).

(8) هل أنت شخصية مسالمة لينة أم شخصية صدامية ؟ ( 1 – 4 ).

(9) هل تحب المرح ؟ ( 1 – 4 ).

(10) هل تشعر أن حب الناس – كل الناس – يملأ قلبك ؟ ( 1 – 4 ).

(11) هل حبك للناس يدفعك لفعل الخير ومساعدتهم والعفو عن اخطاءهم أم يتوقف الأمر على منزلتهم عندك ؟ ( 1 – 4 ).

(12) هل أنجزت أعمالًا مهمة الشهر الماضي؟ ( 1 – 4 ).

(13) هل أنت صديق لعائلتك؟ هل أنتم أصحاب داخل البيت ؟ ( 1 – 4 ).

حلقات

برامج اخري

الفخ

الفخ: برنامج الدكتور عمرو خالد الجديد، وهو أول برنامج يتناول مشكلة الإلحاد والرد على جميع اسئلة الوجود

يومياتي مع الحبيب

يقدم الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد برنامجه الجديد "يومياتي مع الحبيب" الذي يتزامن عرضه مع مولد النبي المصطفى

amrkhaled

amrkhaled