من أهم المهلكات التي تودي بالإنسان إلى النار والعياذ بالله، مستصغر الذنوب، وهي التي وصفها العلماء بأنها الهلاك الأعظم، إذ يقول المسلم (لا بأس ذنب بسيط.. وغيري يفعل الكبائر)، فتكون المقدمة لذنوب أكبر، وحصى تجمع فوق بعضها البعض، لتكون جبلاً في يوم من الأيام، وأنت لا تدري.

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وذا بعودٍ، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه».

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال لها: «يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً».

محقرات الذنوب

محقرات الذنوب من مداخل الشيطان على الصالحين، لأنه يعمل على تصغير بعض الذنوب في النفوس فلسان الشخص أو حاله يقول (أنا أقوم بالواجبات واجتنب الكبائر فإن لم يكن علي إلا كذا وكذا فالأمر سهل)، ومن ثم بالتأكيد هذا من مكر الشيطان بالعبد وكيده له فلا يزال يقارف هذه الصغائر حتى تهلكه.

عن أبي أيوب الأنصاري رضى الله عنه، قال : « إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها ويغشى المُحَقَّرَات، فيلقى الله يوم القيامة وقد أحاطت به خطيئته، وإن الرجل ليعمل السيئة، فما يزال منها مشفقًا حذرًا حتى يلقى الله يوم القيامة آمنًا».

فمن استسهل الصغائر اجتمعت عليه ذنوب كثيرة فهذه معاصٍ من جهة السمع وهذه معاصٍ من جهة البصر وهذه معاصٍ من جهة اليد وهكذا فتهلك صاحبها إن لم يتداركه الله.

تعظيم الله

لكن بينما الشيطان يدخل للإنسان، من مثل هذه الذنوب الصغيرة، إلا أن تعظيم الله في القلوب، يمنعه تمامًا، فهذا ثابت بن قيس بن شماس رضى الله عنه، خطيب الأنصار كان من عادته أنه يرفع صوته أثناء الكلام فلما نزلت هذه الآية « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ » (الحجرات: 2).

فإذا به يتصور أن الآية نزلت به هو، فجلس في بيته ينتظر الهلاك، حتى أتت سيرته إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: «بل هو من أهل الجنة»، فمن أعظم القربات خشية الله ففضل الله العلماء العاملين بسبب خشيتهم له، قال تعالى: « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ » (فاطر: 28).

اقرأ أيضا: