تطهير القلوب من الأشياء الذميمة يتطلب الوصولِ إلى مرتبةٍ عظمى هي مرتبة أفضل الناس، فلم يصف رسول الله أفضل الناس بأنه كثير الصيام أو الصلاة أو الجهاد أو غيرها من العبادات البدنية أو المالية الظاهرة مع فضلها، ولكنه أطلق أفضل الناس على من تميز بقلبٍ تقيٍّ نقيٍّ صافٍ وضيءٍ رقراق، بريءٍ من الإثمِ والبغيِ والغل والحسد، وهي صفات أوصلت صاحبها إلي الرتبةٍ الشريفةٍ رفيعة المقام .
ويجمع الفقهاء وأهل العلم أن تطهير القلب من الأخلاق الذميمة بأن تُخَلِّى قلبَك من القبيح ثم بعد ذلك تُحَلِّى قلبك بالصحيح. القبيح مثل : الكِبْر ،والحقد ،والحسد ، عدم الرضا، عدم التسليم، التعلق بالدنيا تملأ قلبك فتحجبك عن الله؛ والله تعالى ليس بمحجوب فلا يَحْجُبُه شيئا لأنه أوسع من كل شئ،
بحسب العديد من الفقهاء علي المحجوب هو أنت فيجب ألا تَظَلَّ وراء الحجب ، فأنت المحروم لأنه قَيُّومُ السماوات والأرض؛ لا يحتاج إليك وأنت تحتاج إليه سبحانه وتعالى ،لا يَضُرُّه منك شئ آمنت أو كفرت؛ وأنت يَضُرُّك أن يغضب عليك فى الدنيا والآخرة. فأنت فى حاجة إليه وهو ليس فى حاجة إليك، فلابد أن تسعى إليه وأن تُهَرْوِل إليه.
كما أكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في منشور له علي فيس بوك :فإن هذا القلب بيتُ الرب سبحانه وتعالى والله أغنى الأغنياء عن الشرك لا يحبُّ الشريك. فإذا دخلت الدنيا القلب فتأكد أن الله لا ينظرُ إليك ؛ فليس فيه الله ، ولا يمكن الجمع بين الإثنين؛
واستطرد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إما أن تَبِيعَ نَفْسَكَ لله وإما أن يكون لك حول وقوة "فاللهم لا تَكِلْنَا إلى أَنْفُسِنا طَرْفَةَ عَيْن" ،ومعنى دخولُ الربِّ القلب معناه التوكل عليه حق توكله؛ وليس معنى هذا تركُ العمل. بالعكس ، فسوف تعمل ليل نهار ، فقد كانوا فُرْسَانًا بالنهار رهبانا بالليل.ومضي جمعة للقول :أما البطالة والعجز والكسل فلا يكون ذلك لله ؛ إنما يكون لشهوة جسدك وراحة بالك فيما تَظُنُّ أنه راحة، ولن ترتاح .. لن ترتاح أبدا بهذه الصفة، الراحة فى طاعة الله وإن أَتْعَبْتَ جسدَك، وأَسْهَرْتَ ليلك، وأَطْبَقْتَ نهارك، وسعيت كما أمرك الله سبحانه وتعالى لعبادته ، ولِعِمَارَةِ الأرض، ولتزكية النفس. فلا تكن بَطَّالا وعاهد الله سبحانه وتعالى وَفِرَّ إليه.
ومن ثم فتطهير القلب تخليته من القبيح وتحليته بالصحيح ،والقلب لا يكون فارغًا أبدا ؛فإنك إذا أخرجت منه الكبر دخل التواضع لله ، وإذا أخرجت منه الكره دخل الحب في الله ، وإذا أخرجت منه الحقد دخل الرضا والتسليم .....
وخلص الدكتور جمعة في نهاية منشوره علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك " للقول وهكذا كلما أخرجت منه صفة ذميمة وأخرجت منه الدنيا لا يتعلق قلبك بها كلما دخل معني صحيح في قلبك بإذن الله ، وإذا القلب خالطته بشاشة الإيمان لا يخرج الإيمان منه أبدا أبدا.