الرحمة خلق إسلامي أصيل و صفة من صفات الخالق عزوجل ، واشتق الله من الرحمة اسم الرحمن ،قال القرطبي: (وذهب جمهور من الناس إلى أن الرحمن مشتق من الرحمة) ،و ورد ذكر الرحمة ومشتقاتها في القرآن الكريم في نحو ثمانية وستين ومائتي (268) موضع، وهذا يدل على أهميتها وعناية الإسلام بها كخلق من الأخلاق التي يدعو لها ويحث عليها.

لخلق الرحمة منزلة عالية في الإسلام، وقد تعددت صور الدعوة للتخلق بها في القرآن والسنة باعتباره صفة من صفات الرب عزوجل: ففي الحديث "لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه أن رحمتي سبقت غضبي"فضلا عن الرحماء يرحمهم الله، ففي الحديث (إنما يرحم الله من عباده الرحماء.

ماهي الرحمة؟

من المهم الإشارة إلي التحذير من القسوة والعنف وهما ضد الرحمة: "لا تنزع الرحمة إلا من شقي " والقسوة منهي عنها حتى لو كانت على الحيوانات فهي محرمة، فقد قال النبي (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض"

وقد عرفت أمة رسول الله صلي الله عليه وسلم بأمة أمة الرحمة والهداية، وقد دأب المحدثون في تبليغ حديث سيدنا رسول الله ﷺ لطلبة العلم، على أن يستفتحوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية، هذا الحديث الذي انقطعت أوليته عند سفيان بن عيينه الذي يرويه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي قَابُوسَ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) [أحمد وأبوداود].

اظهار أخبار متعلقة

وبحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فقدوورد عن رسول الله ﷺ أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ أَبَا الْقَاسِمِ صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ: (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ) [أحمد وابن أبي شيبة]،

وكذلك روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي، إن الله خلق المعروف وخلق له أهلا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله، ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء إلى الأرض الجدبة ليحيي به أهلها، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) [الحاكم في المستدرك والديلمي]

الرحمةلاتنزع إلا من شقي

وفقا للدكتور جمعة ونقلا عن الحديث النبوي فإن فالرحمة لا تنزع إلا من شقي؛ لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يرزق الرحمة فشقي، فاعلموا أن غلظة القلب من علامات الشقاوة.

وأفاد في منشور علي صفحته علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك "قال جمعة أن المسلمين قد فهموا  هذه الرحمة فهمًا شاملا، وأحسنوا تطبيق هذا الأدب النبوي الرفيع؛ فقاموا بعمل أوقافًا لرعاية الحيوانات والرحمة بها، منها: وقفٌ على مَساقِي الكِلاب، ووقف الكلاب الضالة: وهو وقفٌ في عدة جهات، يُنفَق مِن ريعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب؛ استنقاذًا لها مِن عذاب الجوع حتى تستريح بالموت أو الاقتناء،

اقرأ أيضا:

ومن مظاهر الرحمة كذلك تخصيص وقف  لإطعام الخيل العاجزة عن العمل، وكان المَرج الأخضر في دمشق وقفًا على الحيوانات المُسِنَّة؛ تأكل حتى تموت دون أن يضطر أصحابها لقتلها تخلُّصًا مِن نفقاتها، وكان هناك وقفٌ على تمريض القطط والكلاب والحيوانات المريضة ورعايتها حال هرمها.

وفي العصر المملوكي وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب بنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير، وهكذا كان المسلمون يحولون إرشادات رسول الله ﷺ إلى واقع عملي يعيشون فيه، فحازوا الشرف والعز وخير الدنيا والآخرة،

ومن هنا فيجب علي أمة الإسلام ان يكثروا من التراحم ان يعودوا إلى تعظيم رسول الله  فى نفوسهمم وأن يقيموه  نبراساً أمامهم، حتى يصلوا إلى ربهم، وحتى ينظر الله إلينا نظر الرحمة. .