في أساليب حياتنا اليومية، أحيانًا ما نستخدم بعض الكلمات التي تعد من اللعنات والطعن، ونحن لا ندري، وهو الأمر الذي نهى عنه الإسلام بالجملة، ومن ثم إياك أن تتناصح أو تتفاخر بقلة الذوق أو أن تتفاخروا بإحراج الناس، لأن هذا أسوأ صفة وأسوأ عينة من البشر ممكن أن يلتقي بها أحدهم.. واعلم يقينًا أنه لا يمكن لك أن تحصل على قوة الشخصية بقلة الذوق أو بكلامك القاسي مع الناس.
ولكن كن لينًا، تعرف كيف تطيب خاطر الناس وكيف تقول كلام جميل وطيب للجميع حتى مع من اختلفت معهم، لأنها ليست (شطارة على الإطلاق أن تكون إنسان قليل الذوق)، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء».
فحش القول
قديمًا كانوا يقولون (بدلا من أن تخرج الكلمة سيئة.. اخرجها طيبة وستكسب كثيرًا)، والحقيقة بالفعل أن الكلمة الطيبة صدقة، وبالتالي فإن قلتها فستحصل على فضل عظيم، لأن الصدقة بعشر أمثالها أمام الله، بل ويضاعفها الله عز وجل حتى سبعمائة ضعف، بينما السيئة لن تزول طالما أنك لم تتراجع عنها، ولم تتأسف عنها لصاحبها، وبالأساس لا تخطيء حتى لو تضطر للاعتذار، فليس كثير الاعتذار بالأمر السهل أو الطيب، لأن الأصل هو القول الطيب حتى لمن تراه عدوًا.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام. قال: أي عائشة، إنَّ شرَّ الناس من تركه الناس- أو ودعه- الناس اتقاء فحشه».
اقرأ أيضا:
هذا وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وليلتها.. أسرار وانوار وفضائل وبركاتكن حييًا
عزيزي المسلم، كن من أهل الحياء، لأن البذيء هو الذي لا حياء له، كما قاله بعض العلماء، فإن بذيء اللسان دائمًا ممقوت ومكروه ويتجنبه الناس، مخافة أن يسمعوا منه أقسى الكلام، أما اللعان فهو الذي يكثر من لعنهم بما يكون فيه الإبعاد من رحمة الله، سواء بلفظ اللعنة صريحًا أو بالألفاظ المؤدية إلى ذلك، كالدعاء عليهم بغضب الله، أو دخول النار، أو الخزي في الدنيا والآخرة، ونحو ذلك.
وعن ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «لا تَلاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ، وَلا بِغَضَبِ اللَّهِ، وَلا بِالنَّارِ»، وقد روى ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره عن قتادة رحمه الله تعالى أنه قرأ قول الله عز وجل في ذِكر دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام: «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (إبراهيم:36)، ثم قال: «اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم -عليه السلام-؛ لا والله! ما كانوا طَعَّانين ولا لعَّانين"، ثم قال: "كان يقال: إنّ من أشرّ عباد الله كلَّ طعَّان لعَّان».