كثير من الناس يوجهون الانتقادات لغيرهم، ويصل الأمر حد وصفهم بالفساد، وتراهم يجمعون ويشددون على ذلك، على الرغم من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم»، وفي تفسير ذلك، يقول أبو إسحق: «لا أدري أهلكهم بالنصب أو أهلكهم بالرفع».
إذن على الجميع أن يتحرى الكلام قبل أن ينطق به، فلعله يقول هلك الناس، فيكون هو أهلكهم تحقيقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليحذر الجميع من الوقوع في هذه المسبة الكبيرة التي لا يعلم مداها إلإ الله عز وجل.
ليس دورك
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن دورك ليس أن تنتقد الناس، أو تزايد عليهم، وإنما دورك في نفسك، وإن استطعت فانصح بما علمك إياه رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا تبالغ ولا تشطط، فتكون النتيجة مختلفة.
قال الله سبحانه وتعالى : « فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ * وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ » (الذاريات: 54 - 55)، وقال أيضًا عز وجل: « فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ » (الغاشية: 21 - 22)، فالمراد منك: هو التذكير وليس لك التغيير، وليس مطلوبًا منك أن تنصح الناس في ملء فيتحول الأمر لفضيحة.
وفي ذلك يقول الفقيه الخطابي، وهو من أئمة الشافعية: «لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساويهم، ويقول: فسد الناس، وهلكوا، ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم؛ أي: أسوأ حالًا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم. والله أعلم».
اقرأ أيضا:
لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتكذم الناس
من أسوأ الصفات التي حذر منها الإسلام، هي ذم الناس، وتتبع عوراتهم، فترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الناس تحذيرًا شديدًا: «من تتبع عورات الناس تتبع الله عوراته في جوف بيته»، فمن يرى نفسه خيراً من الناس، وينظر إليهم على أنهم هالكين لا محالة، أما هو فسينجو بصواب فعله لاشك، فإنما هو أهلك الناس لاشك.
وفي ذلك يقول العلماء: إن من يقول ذلك على قصد التألم على حال المسلمين لا يكون داخلاً في ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالفرق بين الاثنين أن الأول قدم نفسه على الناس، واحتقرهم لإعجابه بنفسه، أما الثاني فقد جعل نفسه من عامة الناس يحزن لحاله وحالهم، فيمقت نفسه ويؤنبها، لكن في الغالب يقع الإنسان في الأولى، لذلك فليجذر الجميع من الوقوع في هذه المسألة.