الدعاء على الأولاد من الأمور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، مع ذلك تجد من يدعون على أبنائهم، على الرغم من أنهم يكتوون بنار الدعاء عليهم ويتألمون إذا أصاب أحدهم مكروه ويتحججون بأنهم لا يقصدون المضرة لهم.

وليعلم هؤلاء أن كثرة الدعاء على الأبناء يؤدي إلى زيادة في الفساد والعناد والعقوق، فقد جاء رجل إلى عبدالله بن المبارك رحمه الله يشكو إليه عقوق ولده فسأله ابن المبارك: أدعوت عليه؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد أفسدته.. فعلى الآباء احتواء أبنائهم قدر الإمكان والإصغاء لهم والدعاء لهم والتريث عليهم والصبر على عقوقهم، وألا يطلقوا العنان لألسنتهم بالسب واللعن واللوم الشديد فربما أدرك الأبناء خطأهم ورجوعهم إلى جادة الصواب، وليعلم الآباء أنهم هم الخاسرون لو استجابت دعوتهم فسيندمون كثيرًا ساعة لا ينفع الندم.

الإصلاح أهم

على كل أب أن يعلم جيدًا أن الإصلاح للأبناء أهم، وأفضل من الدعاء عليهم، والإصلاح يكون بالتربية السليمة فكما يحرص الجميع جاهدين على توفير الطعام والشراب والثياب والمسكن لهم لا بد أن يحرصون أيضًا على تربيتهم التربية الإيمانية والأخلاقية والعقلية والنفسية فهم أمانة في أعناقنا استودعها الله لدينا.

فالآباء الصالحون يجتهدون في تربية أبنائهم ويحاولون أن يوصلوا مع أبنائهم إلى بر الأمان ومن بعض الحقوق الواجبة على الآباء تجاه أبنائهم الدعاء لهم، فقد كان السلف الصالح يجتهد في تربية أبنائهم منذ ولادتهم وحتى استقلال أبنائهم عنهم ويعلمون تمامًا أن الأمر كله لله فيدعون لهم ويتضرعون لله في صلاح أبنائهم، فالأبناء نعمة من نعم الله على عباده، فهم زينة الحياة الدنيا وزهرتها وبهجتها.

قال تعالى: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ »، وهم بلاشك امتداد لنا في هذه الحياة الزائفة، فما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبناءنا وبناتنا ونجتهد ونعمل على تهيئتهم وتنشئتهم وإعدادهم الإعداد السليم حتى يكونوا عوامل بناء متسلحين بالإيمان والمعرفة والشعور بتحمل المسؤولية.

ألم شديد

ليعلم كل أي أنه بالدعاء على ابنه، قد يستجاب يومًا، ويفقده، فلاشك سيعيش عمره كله حزينًا مهمومًا، إذ يروى أن أحد الآباء حينما اشتد عود ابنه وقع في بعض الأخطاء، فدعا عليه، فمات، فلما علم اقترب منه، وقال هذه المقولة المؤلمة بحق: «اللهم إن هذا ولدي بلغ من العمر تسع عشرة سنة.. لم يجر عليه فيها قلم إلا بعد خمس عشرة سنة.. بقي له ثلاث سنين. نصفها نوم.. بقي عليه سنة ونصف، قد أساءَ فيها إليَّ وإليك.. فأما جنايته عليّ، فقد وهبتها له.. بقي الذي لكَ فهبه لي».

انظر إلى الألم الذي يعتصر قلبه، على الرغم من أنه الذي كان يدعو عليه، فنسأل الله عز وجل أن يحفظ أولادنا من كل سوء يارب العالمين، وأن يمنحهم حياة أفضل من حياتنا وبركة ورزق وفيرين، ورضا من الله أكبر وأعظم.

اقرأ أيضا: