الصدقة، لاشك من أعظم القربات إلى الله عز وجل، إلا أنها أحيانًا تكون ناقصة فعل ما لكي تكتمل، ونحن للأسف يسقط عنا بعض الأمور التي تسيء للصدقة ومردودها، فإن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما أخرج لهم من الأرض فكما منّ عليكم بتسهيل الرزق.
فعليكم أن تنفقوا منه شكرًا لله وأداءً لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، ولابد أن تكون الصدقة من أطيب ما لديكم، وبالتالي إياكم أن تختاروا الأسوأ، أو الذي لا تريدونه وتخرجونه للناس، فالله عز وجل طيب ولا يقبل إلا طيب، (واعلموا أن الله غني حميد) فهو، غني عن كل ما تخرجوه، وإنما لا يناله سوى التقوى.. فهلا اتقيتم الله عز وجل؟.
إياك والشيطان
عزيزي المسلم، إياك أن تتبع عدوك الشيطان الذي يأمرك بالإمساك، ويخوفك بالفقر والحاجة إذا أنفقت، وليس هذا نصحًا لكم، وإنما يريد أن يهلكك بأفعالك، فاحذروه، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ» ( البقرة 267).
وهنا يحذرنا المولى عز وجل من أن نتبع الشيطان، فنخرج أسوأ ما عندنا بدعوى أنها صدقة، فلا يقبلها الله عز وجل أبدًا، وربما يأخذها المحتاجون وهو يتعففون، ويغمضون عيونهم، فتكون النتيجة أن يسيطر عليكم الشيطان، قال تعالى في باقي الآيات: «الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» ( البقرة 268).
اقرأ أيضا:
ليست الكهف وحدها..8 سور يستحب قراءتها أو سماعها يوم الجمعة لها فضل عظيمحزب السعير
إذن من يختار أسوأ ما لديه ويخرجها للناس، كأنه اختار أن يكون من أصحاب السعير والعياذ بالله، قال تعالى: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ» (فاطر 6).
لذا عليك أن تطيع ربك الذي يأمرك بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تطيب النقود بأفضل أنواع الطيب، وتقول: إنها تقع في يد الله قبل الفقراء، فلذلك يجب تطييبها، فما بالنا نحن الآن؟.. ابتعدنا عن الطريق الحق للأسف، فالصدقة لاشك ترفع العبد عند الله درجات ويستظل المتصدق في ظل الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله، قال تعالى: « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ».