غالبًا ما يساعد العلاج "بالصدمة" في التخلص من الاكتئاب الحاد، لكن الخوف ووصمة العار يمكن أن تمنع المرضى من العلاج به، في الوقت الذي أكدت فيه دراسة حديثة سلامة هذا الأسلوب من العلاج.

العلاج بالصدمات الكهربائية، موجود منذ عقود، لكن نهجه اليوم يختلف كثيرًا عما كان عليه في السابق، وهو الآن علاج موصى به للاكتئاب الشديد لا يستجيب لمضادات الاكتئاب القياسية.


ووفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة "لانسيت للطب النفسي"، فإن العلاج بالصدمات الكهربائية لا يزيد من خطر حدوث مضاعفات طبية خطيرة.

ومن بين أكثر من 10 آلاف مريض نقلوا إلى المستشفى بسبب نوبة اكتئاب خطيرة، لم يكن الذين تلقوا العلاج بالصدمات الكهربائية أكثر عرضة من المرضى الآخرين للوفاة خلال الشهر التالي، ولم ينته بهم المطاف في المستشفى بسبب مشكلة طبية.

إنقاذ الأرواح

ووجدت الدراسة أن العلاج بالصدمات الكهربائية أنقذ بعض الأرواح، إذ "كان المرضى الذين تلقوا العلاج أقل عرضة للوفاة عن طريق الانتحار بعد خروجهم من المستشفى".

قال الدكتور جوشوا بيرمان، الأستاذ المساعد في الطب النفسي في المركز الطبي بجامعة كولومبيا بنيويورك: "أعتقد أن هذا يعزز ما عرفناه من دراسات أقل منهجية ومن خبرتنا السريرية الخاصة".

أضاف بيرمان، الذي لم يشارك في الدراسة: "العلاج بالصدمات الكهربائية هو علاج فعال للغاية. وعلى الرغم من أنها ليس خال من المخاطر، إلا أنه آمن بشكل عام."

غير أن للعلاج بالصدمات الكهربائية يمكن أن يكون له آثار جانبية، بما فيها مشاكل قصيرة المدى في الذاكرة والتعلم، وينتهي الأمر ببعض المرضى إلى معاناتهم من فجوات ذاكرة دائمة حول الأحداث الماضية.

لكن غالبًا ما يرى الناس الإجراء على أنه أكثر خطورة. قال مؤلف الدراسة الدكتور تايلر كاستر، من جامعة تورنتو، في أحد الاستطلاعات، إن 20 في المائة من المشاركين ذكروا "الخوف من الموت" باعتباره مصدر قلق كبير مع العلاج بالصدمات الكهربائية.

قال كاستر ووبرمان إن التصوير الإعلامي السلبي هو أحد الأسباب. وأضاف بيرمان إنه في حالات أخرى، قد يكون الناس قد سمعوا عن تجربة سيئة مر بها أحد الأقارب الأكبر سنًا مع العلاج.

اظهار أخبار متعلقة

أثناء العلاج بالصدمات الكهربائية، يتم وضع أقطاب كهربائية على الرأس لتوصيل نبضات كهربائية صغيرة إلى الدماغ – بقصد تحفيز حدوث في نوبة قصيرة. قبل سنوات، كان من الممكن أن يتم ذلك دون أي دواء، وكان بعض المرضى يعانون من إصابات، بما فيها كسور العظام، أثناء النوبة.

لكن في هذه الأيام، يتم إجراء العلاج بالصدمات الكهربائية تحت تأثير التخدير العام، ويتلقى المرضى مرخيات العضلات لمنع الإصابات المرتبطة بالنوبات.

وأشار عدد من الدراسات إلى أن العلاج بالصدمات الكهربائية يشبه الإجراءات الطبية الأخرى "منخفضة الخطورة" عندما يتعلق الأمر بالمضاعفات، وفقًا لوكالة "يو بي آي".

العلاج بالصدمات الكهربائية

البحث الجديد أكثر شمولاً - حيث يقارن مرضى العلاج بالصدمات الكهربائية مع مرضى آخرين يعانون من الاكتئاب بالمثل ولكن لم يخضعوا للإجراء.

حلل كاستر وزملاؤه في مركز الإدمان والصحة العقلية في تورنتو السجلات الطبية لأكثر من 10 آلاف مريض. تم قبول جميعهم في مستشفيات الأمراض النفسية في أونتاريو بكندا، بين عامي 2007 و 2017 مع نوبات اكتئاب خطيرة.

تلقى نصف المرضى العلاج بالصدمات الكهربائية، وتمت مقارنتهم بمرضى مشابهين لم يخضعوا لهذا الإجراء.

ووجدت الدراسة أن من بين 5،008 مريض بالصدمات الكهربائية، 105 منهم تعرضوا لـ "حدث طبي خطير" في غضون 30 يومًا. بالمقارنة مع 135 من 5008 مرضى لم يتلقوا العلاج بالصدمات الكهربائية. وشملت تلك الأحداث وفيات غير انتحارية أو دخول المستشفى بسبب مضاعفات طبية.

قلة من المرضى ماتوا منتحرين بعد مغادرة المستشفى. لكن الخطر كان أقل حتى بعد العلاج بالصدمات الكهربائية: لم تُنسب أكثر من خمس حالات وفاة إلى الانتحار في تلك المجموعة، مقابل 11 في مجموعة المقارنة.

تحسن الأعراض 

قال كاستر إن هذه الدراسة لم تقيس فعالية العلاج بالصدمات الكهربائية. لكن تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 80 في المائة من المرضى الذين يعانون من الاكتئاب الحاد يرون أن أعراضهم تتحسن بشكل كبير بعد العلاج بالصدمات الكهربائية، وفقًا لجمعية الطب النفسي الأمريكية.

لكن هذا لا يعني أنهم شفوا. وقال كاستر إنه بدون رعاية مستمرة - مثل الأدوية و "العلاج بالكلام" - من المحتمل حدوث انتكاسة. ويتلقى بعض المرضى جلسات "صيانة" بالصدمات الكهربائية على مدى فترة أطول.

الباحثون ليسوا متأكدين تمامًا من سبب نجاح العلاج بالصدمات الكهربائية. لكن بيرمان قال إنه يبدو أنه يعمل من خلال آليات متعددة.

وجدت الدراسات أن التحفيز الكهربائي يمكن أن يحسن التواصل بين الخلايا في مناطق الدماغ المعروفة باستجابتها لمضادات الاكتئاب. وقال بيرمان إن العلاج بالصدمات الكهربائية يبدو أنه يحفز إطلاق عوامل "التغذية العصبية"، والتي يمكن أن تساعد خلايا الدماغ على النمو.