يعاني أناس كثيرون من أنانية بعض أصدقائهم وزملائهم وأقرانهم الملتصقين بهم في العمل أو المنزل أو الشارع، حيث تسيطر مشاعر حب الظهور والأنانية على بعض المحيطين بنا، مما يتسبب في أذى مشاعرنا أو الإضرار بنا في لقمة العيش، نظرا لمهارة هؤلاء في الصعود على أكتاف إخوانهم غير مكترثين بوجودهم من حولهم أو معتبرين لمشاعرهم والأذى الناتج عن أنانيتهم.

فكثير ما يعتبر هؤلاء أن نجاحه ولو على حساب زملائه، هو حق مكتسب له، بالرغم من أنه ربما لا يتحمل إذا قوبل بما يفعله من نفس جنس عمله، وقد يتباكى ويدعي المظلومية، إلا أن الغاية لديه تبرر الوسيلة، ليكون مثل الخنجر المسموم في ظهر صاحبه، في الوقت الذي تخجل من أن تظهر تنافسك معه ولو كان بشكل شريف احتراما لمشاعره، ليقابل تشجيعك له في العمل وتقديمك له وأن تؤثره على نفسك بكثير من الأنانية بل والخيانة.

فهناك أشخاص قدمنا لهم كل أيادي العون وسهلنا لهم طريق البحث عن العمل، وأشركناهم معنا، إلا أننا فوجئنا بسلوكياتهم التي يبررونها بمبرراتهم لكي يبرزوا خيانتهم، ليكون الجزاء كما قال الشاعر حمده ذما عليه ويندم.

متى تؤثره على نفسك؟

لا يتم إيمان المؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، توثيقًا لأخوة النسب، ورحم العقيدة، وحقيقة هذا في الدين الذي أرسى قواعد المؤاخاة في آياته البينات، يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [النساء: 1]، وفي المنهج الفريد الذي وضعه نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين والأنصار، فتعانقت قلوبهم على الصفاء والمودة، وتضافرت الجهود على عمارة هذه الدنيا، بالعمل الصالح الذي تتحرك به الحياة، لتصل الدنيا بالآخرة، وتحقق للبشرية غايتها في هذا الوجود.

فحينما تؤثر إنسانا على نفسك يجب أن يكون موازيا لك في الفضل، فلا تقدم كاذبا أو خائنا أنت تعرف ملامح شخصيته، ثم تتلفى خنجره وتبكي ندما، فربما لا يكون أهلا للأمانة، وربما يكون عدوا لك وفتنة لأهلك.

يقول الله تعالى : ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]، فالإيثار محمود ولكنه يجب أن يكون في أهله، وقد قال الواحدي في سبب نزول هذه الآية: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد، فأرسَلَ إلى نسائه، فلم يجد عندهن شيئًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا رجل يضيف هذا الليلةَ رحمه الله؟))، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: هذا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تدخريه شيئًا، فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوِّميهم، وتعالَيْ فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلتْ، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لقد عجب الله عز وجل - أو ضحك - من فلان وفلانة، وأنزل الله تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9] .

لقد اشتعلت شعلة الإيمان الصادق في قلب الرجل الأنصاري وزوجته، فآثَرَا ضيف رسول الله على نفسيهما، وعلى أولادهما، وأطعمَا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناما هما وأطفالهما جوعى، فعجب الحق تبارك وتعالى من صنيعهما.

هذا الموقف الذي بدا من الأنصاري وزوجته يوضح بجلاء مفهوم الإيثار في معناه المتكامل، فالإسلام يقوم على البذل والإنفاق، ويضيع مع الشح والبخل والاكتناز؛ ولذلك حبب الإسلام إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية، وأكفهم ندية، فالإيثار دليل على القوة؛ قوة الروح التي تعلو على حاجات النفس وتطلعاتها، فتعانق عالم السماء بقناعتها وقوتها، إنه معنى حافز على العطاء، ومَعِين فيَّاض بالثقة بما عند رب العالمين، إن الذين يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، هم الفائزون المفلحون، والأمثلة التي تدل على الذين آثروا على أنفسهم رغبة فيما عند الله كثيرةٌ جدًّا، ولكن نضرب بعضًا منها؛ لتكون لنا حافزًا على المضي في طريق هؤلاء.

اقرأ أيضا:

خطيب أختي تجاوز معها جنسيًا وفسخت الخطوبة لكنها حزينة.. ما الحل؟

سمات الشخصية الأنانية

في حياتنا اليومية يصادفنا بعض الأشخاص اللذين يتسمون بالشخصية الأنانية ولا نستطيع كيفية التعامل معهم، ولكن يجب أن نعرف أن هناك فرق بين الأنانية وحب الذات، فالشخص الأناني هو الشخص الذي يحب نفسه ولا يهمه من حوله، ويسعى دائما إلى تحقيق رغباته فقط حتى لو كانت على حساب الأشخاص الآخرين.

 عند وصول الشخصية الأنانية إلى منصب قيادي فإنه يحاول أن يصل إلى مكاسبه الشخصية وطموحاته بغض النظر عن العاملين معه حتى لو عرضهم للخطر.

 ولا تقدم الشخصية الأنانية أي تضحية من أجل الآخرين، وتضع نفسها في الأولويات دون الاهتمام بمن حوله تماما.

ويعمل الأناني على إهمال احتياجات الآخرين والتلاعب بهم حتى يحصل على ما يريد سواء في العمل أو في الحياة الشخصية دون الشعور بالذنب، و يحرص الشخص الأناني على التجاهل لكل من حوله.

كما يجب السيطرة على النفس والتمتع بطول البال عند التعامل مع الشخصية الأنانية لأنها غالبا تكون شخصية استفزازية.

فعند تواجد شخص أناني قريب منك في المناسبات فيجب عدم ترك مساحة له للتحدث حتى لا يتمادى في أنانيته وهذا لأن الشخص الأناني يحب أن يتحدث عن نفسه كثيرا حتى يلفت الأنظار إليه ويتسبب في الإحراج لك وللأخرين.

ولكن يجب عليك أيضا بمساعدته على التخلص من الأنانية من خلال التحدث معه و إشراكه في العمل الجماعي والذي يحد من الشخصية الأنانية بقدر كبير.