يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» ( المائدة 67)، فما معنى (يعصمك من الناس)، ومتى موعد نزولها؟..


بداية السورة مدنية، أي نزلت في المدينة المنورة، وأقرب الأقوال، إنها نزلت في خواتيم حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كما قيل إنها نزلت قبل غزوة خيبر.. لكن ما يهم هو معنى وسبب نزولها، والمعنى، أنه أمر إلهي من رب العزة لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن يبلغ ما أمره الله به على الناس كافة.

ما الذي أمر الله به نبيه؟

لكن هنا يطرح السؤال، ما الذي أمر الله به نبيه؟، العلماء قالوا: إنه يدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم، من العقائد والأعمال والأقوال، والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية.. وبالتأكيد ومما لاشك فيه أنه صلى الله عليه وسلم بلغ أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجاهلين الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين، وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله، وكل ما أمره به المولى عز وجل، ونحن نشهد على ذلك..


ثم يذهب الله عز وجل إلى تحذير رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم بأنه إن لم يبلغ ما نزل عليه، فإنه ما بلغ، إلا أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، بلغ كل شيء، حتى أنه في خطبة الوداع، ظل يخطب في الناس، وتحدث في غالبية الأمور، الكبيرة منها والصغيرة، ثم ختم بقوله: اللهم بلغت اللهم فاشهد.. ونحن أيضًا نشهد يا الله أن عبدك ورسولك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم بلغ ما أمرته به أجل تبليغ.

اقرأ أيضا:

"هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين".. إذ اشتد الكرب هان.. ومع الضيق يأتي الفرج (الشعراوي)

العصمة

نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، عصمه الله من الناس، أي حماه منهم، كأنه يريد أن يقول: له: لا تخش في الله لومة لائم، فالله عاصمك وحاميك، وأنت فقط كل ما عليك التركيز في نشر الدعوة، وتبليغ الناس، ولا يشغلك أبدًا أمر الناس، فإن أمرهم على الله وحده، فإن نواصيهم بيد الله وقد تكفل بعصمتك، فأنت إنما عليك البلاغ المبين، فمن اهتدى فلنفسه، وأما الكافرون الذين لا قصد لهم إلا اتباع أهوائهم فإن الله لا يهديهم ولا يوفقهم للخير، بسبب كفرهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك.