للأسف بعض الأبناء ممن فقدوا آبائهم، يتصورون أنه بوفاة الأب انتهى دوره كابن، وعليه حقوق وواجبات في بر الآباء.. والحقيقة أن بالعكس، حتى بعد وفاة الوالدين تظل أعمال البر قائمة، وعلى كل إنسان أن يستمر في برهما مهما كانت ظروفه، فعن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبَرهما به بعد موتهما؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «نعم.. الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما».
ولد صالح
من بين الأمور التي يتركها العبد وتعد أثرًا له بعد وفاته (وولد صالح يدعو له)، إذن لو كنت ابنًا صالحًا بالفعل عليك أك أن تكمل طريق برك لأبيك أو لوالدتك، لا تنسى الدعاء لهما، خصوصًا في الأيام المباركات، كشهر رمضان وغيره من مواسم الرحمات، فضلا عن إخراج بعض الصدقات باسميهما، ولو كنت قادرًا فقم بأداء العمرة والحج نيابة عنهما، فالأمر يستحق عسى الله عز وجل أن يبقي هذا الأثر لك في أولادك.. ولما لا فالحياة (دوارة) وما تقدمه اليوم، تحصل عليه غدًا لاشك، فمن أعظم البر بعد موت الوالدين هو الصلاة على الوالدين، يعني الدعاء لهما، وليس المراد صلاة الجنازة، بل المراد الدعاء، فالصلاة هنا بمعنى الدعاء، وهي كقوله تعالى: « خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ » (التوبة: 103)، لذلك كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم إذا أتته الصدقة قال: «اللهم صل على آل فلان».
اقرأ أيضا:
الحزن.. العدو الأكبر للإنسان والحليف الأبرز للشيطانأبر البر
عزيزي المسلم، تذكر والديك بعد وفاتهما في كل شيء، بالاستغفار طوال الوقت لهما، أو بالتصدق عنهما، وأيضًا بزيارة صديقهما وصلة أرحامهما، فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه»، لذلك يروى أن عبدالله ابن عمر لقي إعرابيًا في الطريق وكان يركب عبدالله يركب حمارًا، فنزل عليه ومنحه لهذا الإعرابي، كما وأعطاه عمامةً كانت على رأسه، فلما استعجب الناس وقالوا: إن هؤلاء يرضون بالقليل فلما منحته كل ذلك، فقال ابن عمر قولته الشهيرة: «إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب»، انظر فهو يبر ابن صاحب والده، فما بالنا نحن الآن ننسى حتى أن نزور قبورهما، وربما ننسى أن نستغفر لهما!.
