وفي آية الصيام وبغم أن الظاهر مشقته وصعوبته على النفس فإن الله ضمن هذه الآية قوله: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وهو ما يوضحه الدكتور محمد العجرودي الباحث في الإعجاز العلمي حيث يقول:

اشتملت آيات الصيام في سورة البقرة المباركة على رسائل ربانية مفرحة لعل من أحبها للقلوب رسالة اليسر إذ قال الله تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"    

ويوضح أن بشرى عظيمة من الله تسجد بسببها القلوب المؤمنة شكرًا لله خالق النفس الإنسانية وهو سبحانه الذي يعلم ما يصلحها ففرض عليها الصيام وهو الحكيم الذي تنطق أعماله وتشريعاته بحكمته عز وجل..

ويذكر أدلة يسر الصيام الإسلامي تشهد على حكمته و تنطق بنعمته ومنته على المؤمنين:

الدليل الأول: أن الله تعالى أوجب الصوم على سبيل اليسر، إذ ما أوجبه إلا شهرًا من العام، أي تقريبا 8% من العام، ولا يصوم المسلم إلا النهار فقط لتهبط النسبة إلى 5% تقريبا ، فسبحان الله  نصوم 5 % فقط من وقت العمر منذ بلوغ سن التكليف ويكون الثواب الذي وعد به الله دخول الجنة من باب الريان ويخبرنا في الحديث القدسي : "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي  وأنا أجزي به" فما أعظم الثواب و ما أيسر العمل الذي يوجبه!

الدليل الثاني: للتيسير على الفئات الضعيفة ما أوجب الله هذا الصيام القليل على المريض حتى يشفى ولا على المسافر حتى يعود ولا على الحائض أو النفساء حتى تطهران وأسقطه بالكلية عن الطفل حتى يبلغ وهذا كله يرفع الحرج عن كل هؤلاء ، لأن الله يريد بعباده اليسر.

الدليل الثالث: يتجلى هذا اليسر في إمداد الجسم بجميع احتياجاته الغذائية وعدم حرمانه منها، فالإنسان في هذا الصيام يمتنع عن الطعام والشراب فترة زمنية محدودة من اليوم، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وله حرية المطعم والمشرب ليلا مما أحل الله بصورة كاملة دون امتناع عن أصناف بعينها قد يؤثر منعها لفترات طويلة سلبا عند بعض الناس.

الدليل الرابع: يزيد اليسر يسراً إذ رغب النبي صلى الله عليه و سلم  وحث على تعجيل الفطر و تأخير السحور حتى لا تطول ساعات الصوم على الصائمين أكثر مما شرعه الله وأكد النبي صلى الله عليه وسلم  على نصح المسلمين بعدم ترك وجبة السحور بقوله الشريف: " تسحروا فإن في السحور بركة"

الدليل الخامس: نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن تقدم صيام شهر رمضان بيوم أو يومين وفي المقابل بانتهاء أيام الشهر الكريم حرم الإسلام صيام يوم عيد الفطر  بل و سن النبي صلى الله عليه وسلم أكل تمرات قبل الخروج لمصلى العيد أي في الصباح الباكر وفي ذلك المزيد من التيسير. 

الدليل السادس: مدة الصيام الإسلامي والتي تتراوح من 12-16 ساعة يقع جزء منها في فترة الامتصاص، ويقع معظمها في فترة ما بعد الامتصاص، وهذه الفترة آمنة تمامًا بالمقاييس العلمية، حيث تنشط في هذه الفترة آليات الامتصاص والتمثيل الغذائي بتوازن، فتنشأ آلية تحلل الجليكوجين، وتحلل البروتين وتكوين الجلوكوز الجديد منه، ولا يحدث للجسم أي خلل في أي وظيفة من وظائفه ويعتمد المخ وخلايا الدم الحمراء والجهاز العصبي على الجلوكوز للحصول منه على الطاقة.

 وبناء على ذلك فإن خلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية أثناء الصيام وتحصل على جميع احتياجاتها من المخزون الضخم في الجسم مع راحة سنوية هامة وراقية للجهاز الهضمي بكامله.