أخبار

"لقمان الحكيم" يخلّص سيده من رهان بهذه الحيلة

هل يجوز لي الاستمتاع بزوجتي أثناء الحيض؟

كيف تنال الحسنيين: متاع الدنيا وجنة الآخرة؟

الأحلام والإيمان بالغيب المطلق.. هل من علاقة؟ ..الطب النفسي يجيبك

سنة نبوية مهجورة .. من أحياها أعد الله له نزلا في الجنة ..عليك بالوقار والسكينة

ما الصلة بين الدورة الشهرية للمرأة والقمر؟.. دراسة تكشف تفاصيل مثيرة

صلى بالناس إماما وهو جنب .. فما حكم الصلاة؟

5 أطعمة تحد من الشهية وتعطي شعورًا بالشبع

كيف يكون عملك صالحًا متقبلاً عند الله؟.. تعرف على أهم الوسائل

حب من طرف واحد لأستاذي الجامعي الشاب متزوج .. ماذا أفعل؟

الثانوية العامة في عيادة الطبيب النفسي.. مشكلات لا تخطر على البال

بقلم | ناهد إمام | الثلاثاء 06 ابريل 2021 - 07:00 م

لماذا يتعثر بعض الطلاب في هذه المرحلة بالذات على الرغم من تميزهم الدراسي السابق؟،  ولماذا يعجز بعضهم عن المذاكرة وحضور اليوم الدراسي أو الدروس الخصوصية على الرغم من عدم وجود أسباب ظاهرية لذلك؟،  ولماذا يعجز بعضهم عن دخول الامتحان على الرغم من استعداده الجيد له؟،  ولماذا يتوقف فريق منهم عن استكمال أداء الامتحان بعد حضور مادة أو مادتين؟

ولماذا تضطرب علاقة الطالب بأسرته أو العكس؟، ولماذا يميل الكثير من الطلاب إلى النوم الكثير ليلًا ونهارًا ؟، ولماذا تكثر اضطرابات المعدة والقولون(غثيان، قيء، إسهال، انتفاخ، سوء هضم، اضطراب شهية)؟،  ولماذا تكثر الالتهابات الجلدية (الحكة، الإكزيما، الهربس، الدمامل)؟

الإجابة السطحية النمطية المتعجلة سهلة وبسيطة: إنه القلق لدى الطالب ولدى أسرته يؤدى إلي كل هذه المشكلات الصحية والنفسية والاجتماعية، أليست الثانوية العامة مرحلة دراسية هامة،  وهى بمثابة عنق الزجاجة الذي ينحشر فيه الطالب (ومعه أسرته) لكي يخرج بعدها إلي المرحلة الجامعية أو لا يخرج؟

الثانوية العامة والمراهقة

وإذا حاولنا أن نغوص بعض الشيء، سنجد أن مشكلة الثانوية العامة في بلادنا أنها مرحلة دراسية مصيرية تحدد مستقبل الشاب في سنوات عمره المقبلة (إلى حد كبير)،  ومع هذا فهي تأتى في مرحلة المراهقة، تلك المرحلة التي تتسم بالتقلبات الانفعالية،  والفكرية،  وتتسم بالتمرد والعصيان،  ومحاولة إثبات الذات من خلال مخالفة كل ما هو سائد ومطلوب لدى الأسرة أو المجتمع، والطالب (المراهق) ربما يستخدم الحالة الدراسية لكي يلوى بها ذراع أسرته،  أو يستخدمها مادة للعناد (لن أذاكر لكي أغيظكم )،  أو المساومة (إذا أردتم أن أذاكر فاشتروا لي" الموبايل" الذي أرغبه أو السيارة التي أتمناها)،  أو التهديد (والله لو لم تكفوا عما تفعلوه معي فسأرسب في الامتحان)،  أو للعقاب ( انظروا هذه نتيجة أخطائكم في تربيتي، لقد أدت إلى فشلي، وأنتم تستحقون ذلك، إنك أب فاشل، وأنت أم فاشلة)،  أو للعدوان السلبي (حيث يبدو الطالب لا مباليًا مبتسمًا على الرغم من تدهوره الدراسي،  بينما يبدو الأب أو تبدو الأم في حالة من القلق الشديد لما يحدث للإبن.

أزمة النمو والثانوية العامة

ولكن المشكلة الأكبر،  والأعمق،  والتي تؤدى إلى تكرار رسوب عدد غير قليل من طلاب الثانوية العامة،  أو اعتذارهم عن دخول الامتحان لأسباب مختلفة، هي مشكلة " أزمة النمو "،  فالطالب هنا ( أو الطالبة) لا يريد أن يتخطى هذه المرحلة الدراسية (أو العمرية)،  فهو يخشى (بوعي أو بدون وعى) ما بعدها، فالثانوية العامة هي آخر مرحلة تعليم عام(غير مميز)، ومن ثم فهي قابلة لكل الاحتمالات، أما المرحلة الجامعية التالية فإنها تحدد الطريق التعليمي بشكل نوعى، وبالتالي تحدد مسارات الطموح والأحلام بشكل موضوعي وعملي.

إذًا فالثانوية العامة بشكل عام "أزمة مفترقية" وتخطيها يعنى أن الطالب (أو الطالبة) قد اتخذ قرارًا (طوعًا أو كرهًا ) بالتحرك في اتجاه معين، والحركة في اتجاه معين،  يلزمها التخلي عن الحركة في الإتجاهات الأخرى،  التي كان يحلم بها أو يتمناها.

ومن هنا فالشخصيات غير الناضجة،  أو الشخصيات المترددة،  تخشى هذا التجديد، والالتزام المحدد،  وتخشى مسئوليات النضج المتمثلة في التعليم الجامعي،  وما بعده من متطلبات العمل والحياة والزواج... الخ، ولهذا نجد تلك الشخصيات تتحصن وتتمرس في الثانوية العامة لعدة سنوات،  خوفًا من المجهول،  أو التجديد، أو الالتزام، أوالمسئولية، أو النضج،  أو العمل،  أو الزواج،  أو خوفاً من كل ذلك.

والطالب وأسرته غالبًا لا يدركون هذه الدوافع الخفية وراء الفشل المتكرر،  (أو الاعتذار المتكرر)،  في هذه المرحلة،  فيعزون ذلك إلى المرض،  أو الحسد، أو تأثير الأصدقاء،  أو التدليل الزائد.

اقرأ أيضا:

الأحلام والإيمان بالغيب المطلق.. هل من علاقة؟ ..الطب النفسي يجيبك

أزمة الهوية والثانوية العامة

وإذا عرفنا أن من أهم أزمات فترة المراهقة أزمة الهوية (وهى صعوبة الإجابة على سؤال من أنا؟،  وماذا أريد؟،  والى أين أذهب؟)، فإننا ربما نفهم،  تعثر عدد غير قليل من طلاب الثانوية العامة ، في تجاوز هذه المرحلة،  لوقت قد يطول أو يقصر،  حتى يحسم أزمة هويته،  وتتضح أو تتأكد خياراته.

الثانوية العامة وسلطة الوالدين

وفى بعض الأحيان تأخذ الأزمة شكل آخر، فمع وجود أحد الأبوين (أوكليهما) مسيطرًا، متحكمًا، قاهرًا، أو محبًا، خانقًا،  فإن الإبن/ الابنة، يجدها فرصة لممارسة عناده،  وللأخذ بثأره،  خاصة وأنه قد سلم إرادته (طوعًا أو كرهًا) لأحد الوالدين،  أو كليهما،  طوال فترة طفولته،  والآن قد حان الوقت ليستعيد هذه الإرادة فيقول لهما" لا "،  خاصة أنه يجدهما في غاية القلق على مذاكرته،  ونجاحه،  وتفوقه،  ولهذا يأتي إلينا في العيادات النفسية،  آباء،  وأمهات،  قلقين ومضطربين،  بسبب كسل وتراخى،  وإهمال أبنائهم أو بناتهم،  وحين نقابل الإبن/ الإبنة، نجده/ا  في حالة لامبالاة،  وربما سعادة،  لأنه قد وصل إلى ما يريد،  وكسر إرادة الأب،  أو الأم،  وهو الآن في موقع من يملى إرادته،  ويحدد شروطه،  ويبدأ في مساومتهم على إعطائه ثمناً للمذاكرة والتفوق وإلا" فلا ".

وبما أن الإبن/ الإبنة، شخصية غير ناضجة بحكم المرحلة العمرية،  وغير ناضجة أكثر بحكم طريقة التربية التي تعتبره طفلًا طول الوقت،  فإنه لا يدرك بشكل كاف أنه يتلاعب بمستقبله الدراسي،  فهو منشغل بالمعركة مع والديه،  عن معركته من أجل مستقبله.

الثانوية العامة في عيادة الطبيب النفسي

وحين يأتي الوالدان بابنهما أو ابنتهما إلى الطبيب النفسي فهما يريدان منه أن يروضه،  أو يروضها لإرادتهما، وهذا حل فاشل بالضرورة لأن الطبيب لو سار في نفس الاتجاه،  فإنه يكرر خطأ الوالدين،  ويدفع الطالب المتراخي،  أو المعاند،  أو العدواني،  إلى مزيد من الاضطراب، ولكن الأجدى،  والأنفع في هذه الحالة هو أن يهدئ الطبيب من روع الوالدين ويحيدهما،  ويخفف من وطأة سيطرتهما،  وتحكمهما،  وانشغالهما بموضوع المذاكرة طوال الوقت، ثم يبدأ في التعامل مع الطالب بشكل مختلف،  وذلك بأن يتعامل معه كراشد وليس طفلًا، وبما أنه راشد فهو يدرك ويتحمل مسئولية مستقبله الدراسي، وبما أن ضغوط الوالدين قد حيدت بعيدًا، فقد أصبح لديه (أي الطالب) الحرية الكاملة في أن يذاكر،  أو لا يذاكر،  وهو في الحالتين يتحمل مسئولية قراره.

وفى البداية لن يتحمل الوالدين هذا الأسلوب الذي لم يتعوداه مع ابنهما ( أو ابنتهما) ، ولكن طمأنة الطبيب وتوضيح الأمور لهما يساعدهما على التعاون،  حتى يضبط إيقاع العلاقة بينهما من ناحية وبين الطالب (أو الطالبة) من ناحية أخرى.

وربما يستغرق هذا عدة جلسات،  وقد يثور أحد الوالدين في بعض الأحيان معترضًا على هذا الأسلوب المتساهل أو المتسيب في نظره محاولًا الانقضاض على الإبن/ الإبنة مرة أخرى،  واستعادة السيطرة،  والقهر والتحكم، ولكن المعالج سوف يوقف هذه المحاولات،  بصبر،  وروية ، وتفهم،  ويعطيهما نموذجًا للتعامل الناضج، تعامل الراشد مع الراشد وليس تعامل الوالد مع الطفل، وبهذا لا ينضج الطالب المتعثر فحسب،  وإنما ينضج الوالدان أيضًا،  وتخف حدة الصراع.

قد يحتاج هذا التغير بعض الوقت، وقد لا يستطيع الطالب تحقيق إنجاز دراسي سريع،  خاصة وأنه يكون في حالة عدم توازن لفترة معينة،  حيث تعود على تحكم وسيطرة الوالدين،  والطاعة العمياء،  أو العدوان السلبي، لسنوات طويلة، والآن،  عادت إليه حريته الطبيعية، التي لم يتعود عليهم، لذا يكون متحيرًا، متسائلًا: ماذا أفعل وقد أصبحت حرًا؟ كيف أواجه مصيري وقد أصبحت رجلًا  بالفعل؟

وهنا يبرز دور المعالج في مساعدته بشكل غير اعتمادي على تجاوز هذه المرحلة،  ومواجهة مسئولياته كراشد.

وهناك بعض الأعمال الفنية التي عالجت هذه الأزمة (بصرف النظر عن موافقتنا لها أو اعتراضنا عليها) وهى مسرحية"مدرسة المشاغبين" ومسرحية"العيال كبرت"،  وفى كلتا المسرحيتين يتم التعامل بشكل أبوي مهزوز،  وغير ناضج مع الأبناء الذين يتعطل نضجهم فينشأ ما يشبه لعبة القط والفأر فيتشوه كيان الأب (و الأم ) ويتشوه كيان الأبناء (أو البنات) .

وحين تدخل مسرح الأحداث شخصية ناضجة،  يبدأ التحول التدريجي نحو النضج،  ولكن بعد فترة حيرة واضطراب،  إذ ليس كافيًا أن يزول تسلط رموز السلطة على الأبناء،  بل يلزم أن يصاحب ذلك نضج مواز للأبناء حتى يسيروا حياتهم بشكل راشد بعد زوال القهر الأبوي غير المنطقي، وهنا تبدأ مسيرة النمو مرة أخرى بعد فترة تعثر وتخبط.

د. محمد المهدي

أستاذ الطب النفسي – جامعة الأزهر

*بتصرف يسير


اقرأ أيضا:

ما هي الشروط الخاصة بكل من الشاب والفتاة قبل وبعد الزواج؟

اقرأ أيضا:

مزاح زوجي ثقيل ومزاجه كئيب.. ما الحل؟


الكلمات المفتاحية

معالج نفسي عيادة الطبيب النفسي الثانوية العامة تسلط الوالدين ضغوط نفسية ارتباك نفسي أزمة الهوية

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled لماذا يتعثر بعض الطلاب في هذه المرحلة بالذات على الرغم من تميزهم الدراسي السابق؟، ولماذا يعجز بعضهم عن المذاكرة وحضور اليوم الدراسي أو الدروس الخصوصي