الرضا عن الله عبادة قلبية لها مقام رفيع عند الله ودرجة إيمانية عليا يصعب الوصول إليها حيث ، تتجلّى فيها كل معاني الحب والشوق للقاء الله، والتطلّع والتّشوّق إلى رضوانه،
ومع المقام الرفيع لهه العبادة القلبية إلا أنّ الكثير من العباد لا يدركون قدرها ، ولا يبلون الجهد للوصول لهذه الدرجة الرفيعة، وهذا يعود جهلهم بالله، وعدم تقديرهم له، وعدم إدراك منهم لكيفية الوصول إلي مرحلة رضا العبد.
، كما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن قضاء الله سنّة إلهية، إلا أنّ الاختلاف يكون بكيفية استقبال المؤمن لهذا القضاء، فمنهم من يستقبله بالرضا الذي هو أصل الإيمان الحق بالله سبحانه وتعالى، ومنهم من يستقبله بالجزع الذي هو صفة النفس الهلوعة، حيث قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا""[المعارج: 19-20"
رضا العبد عن ربه له عديد من المنافع حيث يعد حالةً من أحوال أهل الجنة، فهو لا يفارق صاحبه لا في الدنيا، ولا في القبر، ولا في الآخرة.بل أن الرضا يعبّر عن ظاهر الدين وباطنه، حيث يدخل الله صاحبه في جنة الدنيا، ويهيّئه للدخول في جنة الآخرة. يضاعف الشكر الذي يعتبر أعلى مقامات الإيمان،
بل أن الرضا عن الله يعد ثمرةً من ثمار الإيمان . يفرّغ القلب لله، ويزيد تعلّقه به. بل أنه جالب للسعادة ة في الدنيا والآخرة، فيعيش صاحبه هنياً. يخلّص صاحبه من الهموم والغموم، فيعيش راضياً. بل أنه يبعد الهوي عن النفس، ويخرجه من القلب، ويزيد إيمانه، وقربه من الله، مما يبعده عن ارتكاب الذنوب والخطايا.
الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء تطرق الي مقام رضا العبد عن ربه بالقول :يجب علينا أن نعلم أن الرضى بالله وبشرعه وبرزقه وبفعله هو الغنى الحقيقي، وإن كان فاعله فقيرا لا يأبه به غير معروف بين الناس، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ "يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت نعم يا رسول الله، قال فترى قلة المال هو الفقر؟ قلت نعم يا رسول الله،
وبحسب منشور لمفتي الديار المصرية السابق الدكتور علي جمعة قال إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب، ثم سألني عن رجل من قريش فقال هل تعرف فلانا؟ قلت نعم يا رسول الله .قال فكيف تراه أو تراه؟ قلت إذا سأل أعطي، وإذا حضر أدخل، قال ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال هل تعرف فلانا؟ فقلت لا والله ما أعرفه يا رسول الله فما زال يحليه وينعته حتى عرفته، فقلت قد عرفته يا رسول الله، قال فكيف تراه أو تراه؟ قلت هو رجل مسكين من أهل الصفة، قال هو خير من طلاع الأرض من الآخر.
اقرأ أيضا:
من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟الصحابي الجليل تابع مخاطبا النبي : يا رسول الله أفلا يعطى بعض ما يعطى الآخر؟ فقال إذا أعطي خيرا فهو أهله، وإذا صرف عنه فقد أعطي حسنة}. [رواه النسائي وابن حبان].
أما السخط لحكم الله فيعد بحسب جمعة مهلكة عظيمة فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: "فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط"، وكذلك جاء في الحديث القدسي: "من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي فليعبد ربا سواي".
وإن من أبرز الأدلة على حدوث السخط هو الحسد، فالحاسد في الحقيقة ساخط على حكم الله وساخط على قسمة الله سبحانه وتعالى بين خلقه، فالحاسد عدو نعم الله تعالى لأنه يطلب زوالها ممن نالها، وهو من إساءة الأدب مع الله سبحانه وتعالى،
الشعراء دخلو ا علي خط السخط لحكم الله حيث قال أحدهم :
ألا قل لمن كان لي حاسدا * أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه * لأنك لم ترض ما قد وهب
فجازاك ربي بأن زادني * وسد عليك وجوه الطلب
وإن في الحسد من الأخطار الاجتماعية وتفكك المجتمع ما فيه، ونسأل الله أن يعافينا والمسلمين من كل مرض وخبث يصيب قلوبنا ونفوسنا