أخبار

ليس كل الكذب مرفوضًا.. تعرف على الكذب المحمود

من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟

كيف تعرف خروج الكلام من القلب دون غيره؟

"لا يكلف نفسًا إلا وسعها".. تقصير الأبناء متى لا يكون عقوقًا للوالدين؟

أترضاه لأمك؟.. ماذا نفعل مع شواذ الأخلاق وخوارج الفطرة؟

تعرضت للتحرش 4 مرات في طفولتي ومراهقتي وأكره نفسي وأفكر في الانتحار وقتل رضيعتي.. أرشدوني

العفو من شيم الصالحين.. كيف أتخلق به؟

أتذكر المعصية بعدما تبت منها.. كيف أحفظ خواطري؟

تعرف على منزلة النية وأثرها في قبول الأعمال

نعرف ثواب كفالة اليتيم.. فهل هناك ثواب لكفالة اللقيط أو مجهول النسب؟

"فأخرجنا به نبات كل شيء".. لماذا لم يقل الخالق ""فأخرج" وجاء بصيغة الجمع "فأخرجنا"؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 02:02 م

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأنعام99)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


كان السياق يقتضي أن يقول سبحانه: أنزل من السماء ماء " فأخرج". لكنه هنا قال: " فأخرجنا "؛ لأن كل شيء لا يوجد لله فيه شبهة شريك؛ فهو من عمله فقط، ولا يقولن أحد إنه أنزل المطر وأخرج النبات لأن الأرض أرض الله المخلوقة له والبذور خلقها الله، والإنسان يفكر بعقل خلقه الله وبالطاقة المخلوقة له. وأنت حين تنسب الحاجات كلها إلى صانعها الأول، فهو إذن الذي فعل، لكنه احترم تعبك، وهو يوضح لك: حين قال: " فأخرجنا " أي أنا وأسبابي التي منحتها لك، أنا خلقت الأسباب، والأسباب عملت معك. فإذا نظرت إلى مسبب الأسباب فهو الفاعل لكل شيء. وإن نظرت إلى ظاهرية التجمع والحركة فالأسباب التي باشرها الإنسان موجودة؛ لذلك يقول: " فأخرجنا ".

وسبحانه جل وعلا قد يتكلم في بعض المواقف فيثبت للإنسان عملاً لأنه قام به بأسباب الله الممنوحة له، ولكنه ينفي عنه عملاً آخر ليس له فيه دخل بأي صورة من الصور؛ مثل قوله الحق: { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ }[الواقعة: 63-64].

الحرث والزرع


سبحانه هنا ينسب لنا الحرث لأننا قمنا به ولكن بأسباب منه - سبحانه - فهو الذي أنزل لنا الحديد الذي صنعنا منه المحراث وهدانا إلى تشكيله بعد أن ألانه لنا بالنار التي خلقها لنا، وبالطاقة التي أعطانا إياها، أما الزراعة فليس لأحد منا فيها عمل ولذلك يقول سبحانه: { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } [الواقعة: 65].

هنا - سبحانه - أتى باللام في قوله تعالى: (لجعلناه) للتأكيد؛ لأن الإنسان له في هذا الأمر عمل، إنه حرث وتعهد ما زرعه بالريّ والكد حتى نما وأثمر، لكن قد تصيبه آفة تقضي عليه، فالأسباب وإن كانت قد عملت إلا أنها لا تضمن الانتفاع بثمرة الزرع، ذلك لأن الأسباب لا تتمرد، ولا تتأبى على الله ولا تخرج عليه، إنها تؤدي ما يريده منها الله، وقد يعطلها سبحانه. أما في قوله تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } ، إنه سبحانه لم يقل لجعلناه، لأنه ليس لأحد فيه عمل لذلك لم يؤكده باللام.

ويقول سبحانه: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } [الواقعة: 71-73].

إن كل شيء يذكره الحق يذكر معه أيضاً ما ينقضه، ذلك حتى لا يُفْتَن الإنسان بوجود الأشياء، وعليه أن يستقبل الأشياء مع إمكان إعدامها. وإذا ما كان الإنسان هو الذي يحرث فالحق بطلاقة قدرته قد يجعل النبات حطاماً، ومن قبل قال عن مقومات الحياة: { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } [الواقعة: 58-59].

ثم جاء سبحانه بما ينقضه فقال: { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ }. أما عن النار فلم يقل - سبحانه - إنه يقضي عليها ويخمدها ويطفئها، إنه - جل شأنه - أبقاها ليعلمنا ويذكرنا بنار الآخرة { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } أي لا بد أن نتركها أمامكم حتى لا يغيب عنكم العذاب الآخروي { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } أي ونتركها - جون نقض لها وذلك لأمر آخر هو المنفعة في الدنيا للذين ينزلون أماكن خالية قفراء أو للذين خلت بطونهم وأوعيتهم ومزاودهم من الطعام لأن النار تنفعهم وتساعدهم على إعداد طعامهم استبقاء لحياتهم: { فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام: 99].


نبات كل شيء


والشيء هو ما يُخْبَر عنه؛ الهباءة شيء، والذرة شيء وكل حاجة اسمها شيء، ومعنى نبات كل شيء: أن كل حاجة مثل النبات تماماً. رأينا الحجارة التي يقول عنها العلماء هذه جرانيت، وتلك الرخام وتلك مرمر، ولو نظرت إلى أصلها وجدتها أعماراً للحجارة، طال عمر حجر ما فصارا فحماً، وطال عمر آخر فصار جرانيتاً، وهكذا. وكل حاجة لها حياة لتثبت لنا القضية الأولى، وهي: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ }[القصص: 88]

أو نبات كل شيء ترون فيه نمواً وحياة، والعقل الفطري يأخذها هكذا، لكن العقل المستوعب يأخذ منها قضايا كثيرة، ويتغلغل في الكون ويجد الآية سابحة معه وهو سابح معها.

ويتابع سبحانه: { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً } وإذا قلت كلمة " خَضِر " فقد تعني اللون المعروف لنا وهو الأخضر، لكن " خضر " فيها وصف زائد قليلاًً عن أخضر؛ لأن " أخضر " يخبر عن لون فقط، واللون متعلقة العين، لكن " خضر " يعطي اللون، ويعطي الغضاضة ونعرفها " بالحس ". وحين تلمسه تجد النعومة.

إذن " خضر " فيها أشياء كثيرة؛ " لون " متعلق العين، و " غضاضة " نعرفها بالحس وفيها نعومة نعرفها باللمس. وهذا اللون الأخضر يكون داكناً جداً أي أن خضرته شديدة حتى أنها تضرب إلى السواد؛ لذلك نسمع من يقول: " سواد العرق " أي الأرض الخصبة التي في العراق، ويسمونها سواد العرق لأنها خضراء خضرة شديدة ولذلك تكون مائلة إلى السواد، ويقول الحق سبحانه وتعالى:{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَآمَّتَانِ }[الرحمن: 62-64].

و"مدهامة " أي مثل دهمة الليل؛ كأنها من شدة خضرتها صارت كدهمة الليل. ويتابع الحق { خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً } والحب هو ما ليس له نواة مثل حبة الشعير وحبة القمح وحبة العدس وحبة اللوبيا. و " متراكبا " تعني أنه حب مرصوص متساند.

{ وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ } والنخل عند العرب له مكانة عالية لأنه يعطي لهم الغذاء الدائم فيذكرهم به { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ }.و " الطلع " هو أول شيء يبدو من ثمر النخل، وهو ما نسميه في الريف " الكوز الأخضر " وهو في الذكر من النخل الذي يسمى " الفحل " ويوجد أيضاً في الأنثى، وأول ما يبدو من ثمر النخل يسمى الطلع، ثم ينشق الطلع ويخرج منه القنو أو العزق أو العرجون، وهو الجزء الذي توجد فيه الشماريخ التي يتعلق بها البلح.

والطلع إذن هو الثمرة الأولى للنخلة قبل أن تنشق ويطلع منها القنوان وهو " السباطة " كما نسميها في الريف.

اقرأ أيضا:

"هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين".. إذ اشتد الكرب هان.. ومع الضيق يأتي الفرج (الشعراوي)

قنون دانية 


" قنوان دانية " ويصفها الحق بأنها دانية لأنك حين تنظر طلع النخيل أول ما يطلع تجده ينشق ويحمي نفسه بشوك الجريد حتى لا تأكله الحشرات ثم يثقل وينحني ويكاد ينزل على الأرض فيكون دانياً قريبا، فإن كانت هناك " سباطة " شاذة تجد من يجنيها يُدخل يده بين الشوك ليصل إليها. وسبحانه يترك لنا فلتات لنعرف نعمة الله في أنه جعلها تتدلى لأنها لو كانت كلها دانية. قد لا يلتفت إليها، لذلك يترك واحدة بين الشوك ليتعب الإنسان حتى يحصل عليها لتعرف أنه سبحانه قد دنّى لك الباقي وهذه نعمة من الله.

ويُطلق الطلع مرة على الأكمام و " الكِم " هو ما توجد في قلبه الثمار، ومرة يطلق على الثمر نفسه:{ وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ }[ق: 10].

وأنت ترى البلح نازلاً من " الشماريخ " ، وكل شمروخ به عدد من البلح، ثم ترى " الشمروخ " متصلاً بالأم، وفي ذلك ترى عظمة الهندسة العجيبة في ترتيب الثمار. وكل شيء محسوب في هذا الأمر بهندسة عجيبة وعندما ننظر إلى ما تعلمناه في حياتنا حين نصمم شبكة توصيل المياه وشبكة الصرف الصحي، إن شبكة المياه التي تعطينا الذي نستخدمه، وشبكة الصرف الصحي التي تأخذ الزائد من المياه والفضلات. عندما تنظر إلى هذه الشبكة أو تلك تجد هندسة كل منها دقيقة؛ لأن أي غفلة في التصميم تسبب المتاعب. فحين تريد توصيل المياع إلى حارة؛ فأنت تستخدم ماسورة قطرها كذا بوصة، وفي الحارة هناك عطفات فتحضر لكل عطفة ماسورة أقل قطراً من الأولى، ثم ماسورة أقل للبيوت، وماسورة أقل بكثير لكل شقة، لقد قام المهندسون بحساب دقيق لهذه المسائل.

الهندسة الكونية

فإذا كانت هذه هي هندسة البشر، فما بالنا بهندسة الخالق؟ أنت تجد العزق: وهو حامل الرطب يأخذ من النخلة، وكل نخلة فيها كذا " سباطة " وفي كل " سباطة " هناك " الشماريخ " ، ثم هناك البلح وكل بلحة تأخذ شعرة لغذائها. وهكذا نجد كل شيء محسوباً بدقة بالغة. إنها هندسة كونية عجيبة مصنوعة بقول الحق: كن، وصدق الله القائل:{ ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ }[الأعلى: 2-3].

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } وكلمة { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } لم نكن نعرف ما وراءها، كنا نعرف فقط أن السماء هي كل ما علاك فأظللك، والماء يأتي من السحاب، وكلنا نرى السماء تمطر. وكلنا نعرف التعبير الفطري الذي يقول: غامت السماء، ثم أمطرت، وهناك من قال: تضحك الأرض من بكاء السماء لأنها تستقبل الماء الذي يروي ما بها من بذور. لكن ما وراء عملية الإنزال هذه؟

إن هناك عملية أخرى تحدث في الكون دون شعور منا، عرفناها فقط حين تقدم العلم وحين قمنا بتقطير المياه، فأحضرنا موقداً ووضعنا فوقه قارورة ماء، وحين وصل إلى نقطة الغليان خرج البخار، وسار البخار في الأنابيب ومرت الأنابيب في أوساط باردة فتكثفت المياه ونزلت ماء مقطراً، ومثل ذلك يحدث في المطر، وانظر كم يكلفنا كوب واحد من الماء المقطر الذي نشتريه من الصيدلية؟ وقارن ذلك بالسماء التي تنزل بماء منهمر، ولا ندري كيق صُنع. ولذلك يقول الحق:{ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ }[الواقعة: 69].



الكلمات المفتاحية

وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسير القرآن الحرث والزرع قنون دانية

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبً