أخبار

لهذا السبب.. أدمغة البشر أصبحت أكبر من السابق

مفاجأة حول الاستحمام يوميًا.. ليس له أي فائدة صحية حقيقية!

مظلوم في البيت والعمل ومع الناس؟.. روشتة نبوية تدخلك الجنة

الزم المروءة لنجاتك في الدنيا والتقوى للنجاة في الآخرة

هل يؤاخذنا الله بما استقر في النفوس؟ ولم نترجمه إلى أفعال؟ (الشعراوي يجيب)

3حقوق لو فعلتها لوجدت الله عندك يفتح لك أبواب كل شيء

ما هي حقوق الزوج بعد اكتشافه مرض زوجته؟

مسح الرسول على وجهه.. فكان يضيء في البيت المظلم

حسن الظن بالله سفينة النجاة في بحر الظلمات.. تعرف على صوره

هل الإنسان ظلم نفسه بتحمل الأمانة من الله؟.. تعرف على المفهوم الصحيح للآية

"وآتى المال على حبه".. من هم الأولى بالإنفاق عليهم؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | السبت 12 ديسمبر 2020 - 01:15 م

"لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (البقرة: 177)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


وعندما جاء الأمر من الحق سبحانه وتعالى بتحويل القبلة إلى الكعبة واتجاه المسلمين في صلواتهم إليها بعد أن كانوا يصلون ووجهتهم إلى بيت المقدس، عند ذلك حدثت بلبلة، وصار لكل أتباع ملة قبلة خاصة: فالمسلون يتجهون إلى الكعبة، واليهود يتجهون إلى بيت المقدس، والنصارى يتجهون إلى الشرق.

العبرة من هذه الآية 

وهذه الآية تؤكد أن الخلاف ليس في مسألة اتجاه الصلاة، وقبل تحويل القبلة كان كل من يصلي يتجه إلى مُتجه، وتغيير المتجه ليس فيه مشقة.

والحق سبحانه وتعالى يقول لهم: لا تجعلوا أمر الاتجاه إلى الكعبة هو كل البر؛ لأن هذا الأمر لا مشقة فيه؛ فلا مشقة في توجه المسلمين إلى الكعبة بعد أن كانوا متوجهين إلى بيت المقدس، إنما المسألة هي امتثال لأمر الآمر، فالبر إذن ليس في الأمور السهلة التي لا مشقة فيها، وإنما في الخير الواسع الكثير، ويشمل الإيمان ويشمل التقوى، ويشمل الصدق، ويشمل الطاعة، ويشمل الإحسان، وكل وجوه الخير تدخل في كلمة " البر ". فالبر معناه كبير واسع، ومادام معناه متسعا هكذا فكل ناحية منه تحتاج إلى مشقة.

وانظروا إلى مطلوب البر، ومتعلقات البر التي تتطلب منكم المشقة، ولا تختلفوا في المسألة السهلة اليسيرة التي لا يوجد فيها أدنى تعب مثل مسألة تغيير اتجاه القبلة، فإن كنتم تعتقدون أن ذلك هو البر نقول لكم: لا، البر له مسئوليات تختلف، إن مُتعلق البر هو أن يُختبر صدق الإيمان، ويظهر الإيثار لمطلوب الله على الراحة، ويتطلب من المؤمن أن يقبل على الطاعة وإن شقت عليه، ويتطلب أن يمتنع المسلم عن المعاصي؛ وأن يعرف أن للمعاصي لذة عاجلة، لكن عقابها كبير، كل ذلك هو من مطلوبات البر والإيمان، فلا تجعلوا مسألة التوجه إلى الكعبة أو إلى بيت المقدس، أو إلى المشرق هو المشكلة؛ لأن وجوهكم ستتولى إلى جهة ما وإن لم تؤمروا. والبر كما نعلم هو الخير الواسع الذي يشمل كل وجوه الجمال في الكون يقول الحق: { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ }.

لماذا تجسيد البر؟


ولماذا جعل الله الحديث عن البر حديثا عن ذات مجسدة؛ برغم أن البر معنى؟. إن الحق يجسد المعنى وهو البر في ذات العبد الذي آمن لأنه سبحانه حينما يريد أن يؤكد معنى من المعاني يجعل الذات مجسدة فيه. وعلى سبيل المثال ـ ولله المثل الأعلى ـ عندما نقول: " فلان عادل " ، أي نحن نصفه بما يحقق للسامع أنه رجل يعرف العدل. ولكن عندما نقول: " فلان عدل " فكأنه هو العدل ذاته، وكذلك عندما نقول: " فلان صادق " فمعنى ذلك أنه صاحب ذات اتصفت بالصدق، ومن الممكن للذات أن تنفصل عن الصدق يوما، ولكن حين نقول: " فلان صدق " فمعنى ذلك أن الصدق قد امتزج به فلا ينحل عنه أبدا، أو أن الحق يريد أن يقول لنا: لكن صاحب البر هو من آمن بالله، أو يقول: " ولكن البر هو بر من آمن بالله " ، أو أن الإخبار بالذات " من آمن " عن الصفة " البر " دليل على امتزاج الذات في الصفة امتزاجا لا تتخلى عنه أبدا فكأن البر قد تجسد فيهم.وكل هذه الأقوال يتسع لها النص القرآني الكريم.

والحق يقول: { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّه } هذه بداية الإيمان، ويأتي بعد ذلك بنهاية الإيمان وهو ضرورة الإيمان بـ { ٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، إن بداية القوس هي الإيمان بالله وطرفه الأخير الإيمان باليوم الآخر. وهنا نتساءل: وكيف يأتي الإيمان باليوم الآخر؟ نقول: يأتي الإيمان باليوم الآخر بأن تؤمن بالله ثم تؤمن بما يخبرك به الله، فلا تقل: أنا جعلتهما في صف واحد، بل الإيمان بالله أولا، وبعد ذلك الإيمان بما أخبرني به الله، وقد أخبر سبحانه: أن هناك يوما آخر، فصدقت ما أخبر به. وتأتي مسألة الإيمان بالملائكة فيقول الحق: { وٱلْمَلاۤئِكَةِ } فكيف نؤمن بخلق من خلق الله لا نراه؟.

إننا مادمنا قد آمنا بالقمة، وهي الإيمان بالله، والله أخبرنا بأن هناك ملائكة، وحتى لو كان وجود الملائكة غيبيا فنحن نؤمن بها؛ لأن الذي أخبر بها هو الله، وكذلك نؤمن بالجن برغم أننا لا نراه، وكل ما يتعلق بالغيبيات هو إخبار ممن آمنت به، لذلك تؤمن بها.


الإيمان بالغيبيات 


والمسائل الإيمانية كلها غيبية، ولا تقول في الأمر الحسي: " إنني آمنت به " ، إنما تقول: " آمنت " في الأمر الغيبي؛ لأنه أمر غيبي لا تأنس به الحواس والإدراكات، وتريد أن تجعله عقيدة، والعقيدة هي أمر يُعقد فلا ينحل أبدا، ولأنه أمر غيبي فربما ينفلت منا؛ لأنه لو كان أمرا مشهديا لما غفل عنه الإنسان أبدا؛ لأن مشهديته ستجعلك تتذكره، إنما هو أمر غيبي، ويسمى عقيدة، أي أمراً معقوداً لا يُحل أبدا.

والقمة العقدية هي أن تؤمن بالله، ثم تؤمن بما يخبرك به الله من غيبيات لا دليل لك عليها إلا أن الله قال بها، فإن رأيت في متعلقات الإيمان أمورا محسة فاعلم أن الجهة في الإيمان منفكة؛ لأنه سيأتي ذكر الملائكة واليوم الآخر وكلاهما غيب، وبعد ذلك سيذكر الكتاب والنبيين، وهما محسوسان.

صحيح أن الكتاب أمر محس والنبيين كذلك، لكننا لم نحس أن الله أنزل الكتاب، وأن الله بعث النبيين. ونحن لم نكن على قيد الحياة وقت نزول الكتاب ولا وقت بعث النبي، وجاء إيماننا لأننا صدقنا أن الله أنزل وحياً على محمد صلى الله عليه وسلم هذا الوحيث نزل بالكتاب، وأن الله اختار محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون مبلغا لهذا الوحي، وكل هذه أمور غيبية لم نرها.والغيبيات هي أرضية الحركة الإيمانية؛ أو أساس الإيمان.

وبعد ذلك تنتقل الآية من الحديث عن الأمر العقدي، لتبين لنا أن البر مكون من أمور عقدية هي أساس لأمور حركية، والأمور الحركية هي المقصودة من كل تدين. فالحق سبحانه لا يعنيه أن يؤمن به أحد، ولا يعنيه أن تؤمن بملائكته، وكتبه ورسله، لكن الأمر الذي يريده الله هو أن تنتظم حركة الحياة في الأرض بمنهج الله، ولذلك ينتقل الحديث إلى الأمر المادي فيقول: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } كأن الإنسان قد ملك المال وبعد ذلك " آتاه ". وعندما تقول: " آتيت " فهي تعني أعطيت، وهي تختلف عن " أتيت " التي تعني " جئت ".

وما هو المال؟ إن المال هو كل ما يتمول إلا أننا نصرفه إلى شيء يمكن أن يأتي بكل متمول وأسميناه بالنقد. وأصبحت له الغلبة؛ لأننا نشتري بالنقد كل شيء، لكن المعنى الأصلي للمال هو كل ما يتمول، وكيف يجئ المال لك أو لي أو لأي إنسان؟. أَخَرَجَ أحد منا من بطن أمه وهو يملك شيئا؟. لا.

إن ما يملكه الإنسان يأتي إما من متحرك في الحياة قبلك إن كان والدك أو جدك وإما من حركتك أنت.

إذن لا يقال: " آتى المال " إلا إذا ثبتت له حركة ذاتية يصير بها متمولا، أو ورث عن متمول، والمتمول هو الذي يتحرك في الحياة حركة قد تكون لنفسه، وإن اتسعت حركته فستكون لأبنائه، وإن اتسعت أكثر فستكون لأحفاده.

والحق يقول: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } وكلمة الحب مصدر، والمصدر أحيانا يضاف إلى فاعله، وأحيانا يضاف إلى المفعول الواقع عليه، مثلا كلمة " ضرب " نحن نقول: ضرب زيد عُمَرَ، وهكذا نجد ضاربا هو " زيد " ومضروبا هو " عمَر ".

وإذا قيل: " أعجبني ضَرْبُ زيدٍ ". إن قلت: " لعمر " عرفنا الضارب والمضروب، وإن سكت عند قولك: أعجبني ضرب زيد " فهي تحتمل معنيين، الضرب الصادر من زيد، أو الضرب الواقع على زيد. فساعة تأتي بالمصدر ويضاف إلى شيء فيصح أن يضاف إلى فاعله وأن يضاف إلى مفعوله.

اقرأ أيضا:

هل يؤاخذنا الله بما استقر في النفوس؟ ولم نترجمه إلى أفعال؟ (الشعراوي يجيب)

إنفاق مع حب المال


{ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } يمكن أن نفهمه على أكثر من معنى: يمكننا أن نفهمها على أنه يعطي المال وهو يحب المال، ويحتمل أن نفهمها على أنه يؤتي المال لأنه يحب أن يعطي مما يحبه من المال عملا بقول الله تعالى { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ }.. وهي تحتمل المعنيين. ويمكن أن تُصَعِّد المعنى فيصير " وآتى المال على حب الإيتاء أي الإعطاء " أي يُحب الإعطاء وترتاح نفسه للإعطاء، ومن الممكن تصعيدها تصعيدا آخر يشمل كل ما سبق فيصبح المعنى: وآتى المال على حب الله الذي شرع له ذلك، وكل هذه المعاني محتملة.
والحق يقول:{ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } [الإنسان: 8] ويقول سبحانه أيضا: { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [آل عمران: 92]

وتعطينا كل هذه الآيات وضوح الفرق بين الملكية، وبين حب المملوك، فمن الممكن أن تكون لديك أشياء كثيرة أنت مالكها، ولكن ليس كل ما تملكه تحبه، فعندما تؤتي المال فمن المحتمل أن تكون قد نزعته من ملكيتك وأنت لا تحبه. وبذلك أخرجته من ملكيتك فقط، وإما أن تكون محبا للشيء الذي تعطيه لغيرك، وبذلك تكون قد أخرجته من ملكيتك، ومن حبك له.

وإما أن يكون المال الذي في يدك مجرد أداة لك ولغيرك وليس له مكانة في قلبك ولذلك يقول الشاعر:

لا أبالي توفير مالي لدهري منفقا فيه في رخاء وبأس
إن يكن في يدي وليس بقلبي فهو ملكي وليس يملك نفسي

إن قوله الحق: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } تعطينا إما منزلة إخراجه من الملك وإما منزلة إخراجه من القلب الذي يحبه. ولذلك يعيب الحق على جماعة من الناس يريدون العمل على طاعة الله، لكنهم لا ينفقون لله إلا مما يكرهون. ويقول الله في حقهم { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ }.
لمن يكون المال؟
ولكن لمن يكون ذلك المال الذي ينطبق عليه القول: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ }؟. إنه، لـ { ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ } ألا ترون إنساناً له حركة في الحياة قد اتسعت لنفسه، ثم نرى قرباه الذين لا يقدرون على الحركة محتاجين، كيف تكون حالة نفسيته إذن؟. لابد أن تكون نفسية متعبة؛ لأن المفروض في الإنسان المؤمن أن يجعل كل الناس قرباه، ونذكر في هذا المقام قصة معاوية عندما كان أميراً للمسلمين، ودخل عليه الحاجب وهو يقول: يا أمير المؤمنين رجل بالباب يدعي أنه " أخوك " ، فقال معاوية: أبلغ بك الأمر ألا تعرف إخوتي؟ أدخله.

فلما دخل الرجل قال له معاوية: أي إخوتي أنت؟

قال: أخوك من آدم.

فماذا قال معاوية:؟.

قال: رحمٌ مقطوعة، والله لأكونن أول من وَصلها. وأكرمه.

فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يصل قرباه من الناس كافة، ألا يستطيع أن يصل خاصة أقاربه؟. كيف يستطيب المؤمن ـ إذن ـ نعيم الحياة وهو يجد أقاربه محتاجين، حتى لو نظرنا بعيدا عن الدين والإنسانية، ألا تستحق المسألة أن يجود الإنسان بما عنده على أهله؟.


الكلمات المفتاحية

وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ الإيمان بالغيبيات إنفاق مع حب المال تفسير القرآن الشيخ الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائ