أخبار

بالفيديو.. عمرو خالد: طريقة ربانية تغيرك من داخلك وتصلح عيوبك في العشرة الأواخر (الفهم عن الله - 2)

حكايات مؤثرة.. كيف تعامل الملوك مع من أظهروا الوفاء لخصومهم؟

سيدنا يحي بن زكريا ..لماذا كان معصوما من الذنوب ؟ولهذا اختلف الفقهاء في سبب تسميته

ما هو حكم إجراء الصائم الحقنة الشرجية أثناء الصيام؟.. "الإفتاء" تجيب

عمرو خالد يكشف: حكم رائعة وفوائد عظيمة لسورة "الكهف" يوم الجمعة

يوم الجمعة هدية ربانية.. احرص فيه على هذه الأمور

يوم الجمعة يوم النفحات والفيوضات الربانية .. تعرف على خصائصه وفضائله

الصلاة على النبي يوم الجمعة.. فضلها وعددها وصيغها ووقتها.. اغتنمها

فيه ساعة إجابة: أفضل أدعية يوم الجمعة المستحبة والمستجابة.. اغتنمها

هل الحجامة الجافة مفطرة للصائم؟

خير ما تنجو به من الشدائد.. أن يكون حالك هكذا مع الله في الرخاء

بقلم | خالد يونس | الخميس 12 نوفمبر 2020 - 07:40 م

الإخلاص والتوحيد هما عمودان رئيسان لا يكمل الإيمان إلا بهما، ولا يتحقق الإيمان إلا بثبات علاقة العبد بربه عز وجل، وذلك بأن يجتهد في العبادة والذكر والتقرب إلى الله في أوقات اليسر والرخاء، فإذا حلت به  الشدائد كان صابرًا على الابتلاء شاكرًا لله فيعينه الله على تجاوز المحنة التي يمر بها.

يقول الشيخ أحمن بن محمد العتيق: إن من علامات كمال التوحيد في قلب العبد أن يلجأ إلى الله تعالى في أحواله كلها, في سرَّائه وضرَّائه، وشدَّته ورخائه، وصحته وسقمه، وفي أحواله كلِّها، وأن لا يقتصر على ذلك في حال الشدة فقط, وملازمةُ المسلم للطاعة والدعاء حال الرخاءِ، ومواظبتُه على ذلك في حال السرَّاء سببٌ عظيمٌ لإجابة دعائه عند الشدائد والمصائب والكُرَب، وقد جاء في الحديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فلْيُكثِر الدعاءَ في الرخاء )، رواه الترمذي، والحاكم، وغيرُهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسنده حسن. وقد ذمَّ الله في مواطن كثيرة من كتابه العزيز من لا يلجؤون إلى الله ولا يُخلصون الدِّين إلاَّ في حال شدَّتهم، أمَّا في حال رخائهم ويُسرهم وسرَّائهم، فإنَّهم يُعرضون وينسون ما كانوا عليه, يقول الله تعالى: { وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ } ، ويقول تعالى: { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ }، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ.

إقبال على الله في كل الأحوال


وهي تدلُّ دلالة واضحة على ذمِّ مَن لا يعرف الله إلاَّ في حال ضرَّائه وشدَّته، أمَّا في حال رخائه فإنَّه يكون في صدود وإعراض ولَهوٍ وغفلة وعدم إقبال على الله تبارك وتعالى. ولهذا فإنَّ الواجبَ على المسلم أن يُقبلَ على الله في أحواله كلِّها في اليُسرِ والعُسرِ، والرخاءِ والشدِّةِ، والغنى والفقرِ، والصحةِ والمرضِ، ومَن تعرَّف على الله في الرخاء عرفه الله في الشدَّة، فكان له معيناً وحافظاً ومؤيِّداً وناصراً. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما المشهور: ( تعرَّف إلى الله في الرَّخاء يعرفك في الشدَّة).

قال ابن رجب رحمه الله في جزء له أفرده في شرح هذا الحديث: " المعنى أنَّ العبدَ إذا اتقى الله وحفظ حدودَه وراعى حقوقه في حال رخائه وصحته، فقد تعرَّف بذلك إلى الله، وكان بينه وبينه معرفة، فعرفه ربُّه في الشدَّة، وعرف له عملَه في الرخاء، فنجَّاه من الشدائد بتلك المعرفة . وهذا التعرُّفُ الخاص هو المشار إليه في الحديث الإلَهي ( ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ـ إلى أن قال ـ ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه).

ثمَّ أورد عن الضحاك بن قيس أنَّه قال: " اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدَّة، إنَّ يونس عليه السلام كان يذكر اللهَ، فلمَّا وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }، وإنَّ فرعونَ كان طاغياً ناسياً لذكر الله، فلمَّا أدركه الغرقُ قال: آمنتُ، فقال الله تعالى: { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ } "، فمَن لَم يتعرَّف إلى الله في الرخاء فليس له أن يعرفه في الشدَّة لا في الدنيا ولا في الآخرة.

قال رجل لأبي الدرداء رضي الله عنه: " أوصِني، فقال : اذكر الله في السرَّاء يذكرك الله عزَّ وجلَّ في الضرَّاء ". وعنه رضي الله عنه أنَّه قال : " ادع الله في يوم سرَّائك لعلَّه أن يستجيب لك في يوم ضرَّائك ".

وإنَّ من التعرُّف على الله في الرخاء أن يجتهد العبدُ في حال رخائه بالتقرُّب إلى الله وطلبِ مرضاته، والإكثار من الأعمال الصالحة المُقرِّبة إليه، كالبر والصلة، والصدقة والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من وجوه البِرِّ وسُبل الخير " وحديث الثلاثة الذين دخلوا الغارَ وانطبقت عليهم الصخرةُ " يشهد لهذا، فإنَّ الله فرج عنهم بدعائهم بما كان منهم من الأعمال الصالحة الخالِصة في حال الرخاء من بر الوالدين، وترك الفجور، والأمانة الخفية.

شفاعة العمل الصالح في الشدة


وهذا نبي الله يونس بن متى عليه السلام، يسقط في لجج البحار فيبتلعه الحوت، فهو في ظلمةِ جوف الحوت، في ظلمة جوف البحر، في ظلمة الليل، في ظلمات ثلاث، لا يعلم بمكانه أحد، ولا يسمع نداءه أحد، ولكن يسمع نداءه من لا يخفى عليه النجوى، ويعلم مكانه من لا يغيب عنه مكان؛ فدعا ربه وهو على هذه الحال، وقال: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87].

فسمعت الملائكة دعاءه وشكواه، فقالت: صوتٌ معروف في أرض غريبة!

هذا يونس لم يزل يُرفع له عملٌ صالحٌ ودعوةٌ مستجابة.

فجاء الجواب: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [الصافات: 143].

وأتاه ربُّه بالنجاة {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} [الأنبياء: 88].

قال الحسن البصري: "ما كان ليونس صلاةٌ في بطن الحوت، ولكن قدّم عملاً صالحاً في حال الرخاء، فذكره الله في حال البلاء، وإنّ العمل الصالح ليرفع صاحبه، فإذا عثر وجد متكئاً (تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، بحسب "رابطة العلماء السوريين".

رخاء فرعون كفر وجحود


وفي البحر قصصٌ أخرى وعبرٌ تترى، فهذا الطاغية فرعون يدركه الغرق فيدعو بالتوحيد: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس:90].

سمعت الملائكة دعاءه، فنزل جبريل سريعاً، أتُراه يريد أن ينجد هذا الظالم أو يغيثه! لا، إنما يأخذ من وحل البحر فيدسُه في فمه خشية أن تدركه الرحمة، وبعدها أتاه الجواب من ربه {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس: 91].

أين كنت حال الرخاء والسعة، آلآن إذ نزل بك الذي نزل!؟

لقد سمعت الملائكة دعاء كلا المكروبَيْن -يونس وفرعون- ولكنْ فرقٌ عظيمٌ، فالأول تقول فيه: صوتٌ معروفٌ في أرض غريبة هذا يونس لم يزل يُرفع له عمل صالح ودعوة مستجابة.

وأما الآخر فينزل جبريل يدس الوحل في فمه خشية أن تدركه الرحمة.

تُرى ما الفرق بين الحالين؟ والكربُ واحدٌ، والصورة واحدة!؟

إنّ الفرق واضح، والبونَ شاسع، فرقٌ بين من عرف الله في الرخاء ومن ضيّعه؛ فيونس رخاؤه دعاءٌ ودعوة؛ وفرعونُ رخاؤه ظلمٌ وكفرٌ وجحودٌ.

ولا يزال لطيفُ صنعِ الله عز وجل بأوليائه وعباده الصالحين يتوالى عليهم في حال الشدائد والكُرَب، فيفرّج كربهم، وينفّس عنهم حيث كان لهم مع الله معاملةٌ في الرخاء.

صبر أيوب في مرضه وفقره بعد الرخاء


ونبي الله أيوب عليه السلام، كان كثير المال، له سائر صنوفه وأنواعه من العبيد والأنعام والأراضي، وكان له أولاد كثيرون وأهلون، سُلب ذلك كله، وابتلي بأنواع البلاء، وطال مرضه حتى استوحش منه الأنيس، وفارقه الجليس، ولم يبق يحنو عليه أحدٌ سوى زوجته، ترعى له حقه، وكانت تقول له: يا أيوب لو دعوت ربك لفرّج عنك، قال: قد عشتُ سبعين سنةً صحيحاً، فهل قليلٌ لله أن أصبر له سبعين سنة! .

فضعُف حالها وقلّ مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، ثم اضطرت أن تبيع ظفائرها، فلنا علم أيوب بما وصلت إليه نادى ربه: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} [الأنبياء: 83].

فأتاه الجواب: {فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضُر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين} [الأنبياء: 84]..لقد عرف ربه في الرخاء فعرفه في الشدة.

الذين أغلقت صخرة عليهم الكهف


وهؤلاء الثلاثة من بني إسرائيل الذين قصّ النبي صلى الله عليه وسلم قصتهم، يوم أن آواهم المبيتُ إلى غار، فتدهدهت صخرة عظيمة فأغلقت عليهم فم الكهف.

إن نادوا لن يُسمع نداؤهم، وإن استنجدوا فلا أحد ينجدهم، وإن دفعوا فسواعدُهم أضعفُ وأعجزُ من أن تدفع الصخرة، فلم يجدوا وسيلة في هذه الشدة إلا أن يذكروا معاملتهم لله حال الرخاء.

 فدعا أحدهم ببره والديه يومَ أتى فوجدهما نائمين، وقد أتاهما بعشائهما وقدح من اللبن، وصبيتُه يتضاوعون من الجوع، فلم يقدّم أولاده على والديه، ولم يوقظ والديه شفقةً بهما، وتركهما في نومهما، وجلس ممسكاً قدح اللبن حتى أسفر الصبح، فإذا استيقظا سقاهما، فقدّم ضعف والديه على ضعف أولاده وحاجتهم، وقدّم شفقة الوالد على شفقة الولد، فشرب أبواه وانتظر بنوه، ثم قال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنا ما نحن فيه"، فانفرجت الصخرة قليلاً.

 ثم دعا الثاني ر فذكر يوم أن قدر على المعصية وتمكن من الفاحشة ووصل إلى أحب الناس إليه، ابنة عمه، بعد أن كان راودها كثيراً وامتنعت، حتى إذا أمكنته الفرصةُ، واستغل حاجةً لها إلى المال، فاستطاع أن يصل إلى شهوته، وكاد أن يكابد الفاحشة، فخاطب فيه المرأة مراقبته لله، فقالت: اتق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه، فارتع ووجفت نفسه، وتذكر الله فوقه، فتركها وهي أحب ما تكون إليه، في لحظة هي أعز من أن يصدق فيها المرء، وترك لها المال الذي أعطاها، ثم قال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنا ما نحن فيه"، فانفرجت الصخرة قليلاً، لكن لم يستطيعوا الخروج.

ثم دعا الثالث، وذكر يوم صدقٍ وأمانةٍ أسلفه، حيث استأجر أجراء فأعطاهم أجرهم، وبقي واحدٌ لم يأخذ أجره، وغاب عنه، فنمّى له أجره وتاجر له فيه، فصار ماشيةً وثمراً ومالاً كثيراً، ثم جاء الأجير بعد زمن طويل، يقول: أعطني حقي، وكان يستطيع أن يقول له: هذا حقك أصوُعٌ من طعام، لكنه صدق وعفَّ فقال: حقُّك ما تراه، كل هذا الدقيق والماشية كلها لك، فلم يستوعب ذلك عقل الأجير فقال: اتق الله ولا تهزأ بي، فقال: يا عبد الله إني لا أهزأ بك، إن هذا مالك، فساقه الرجل جميعاً، ولم يترك شيئاً.

ثم قال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنا ما نحن فيه"، فانفرجت الصخرة.

لقد تنامت دعواتهم وتنامت مناجاتهم، فإذا الشدة تُفرج والضيقُ يتسع، وإذا الصخرة تندفع فخرجوا من الغار يمشون، لقد عرفوا ربهم حال الرخاء فعرفهم حال الشدة.

اقرأ أيضا:

يوم الجمعة هدية ربانية.. احرص فيه على هذه الأمور

اقرأ أيضا:

يوم الجمعة يوم النفحات والفيوضات الربانية .. تعرف على خصائصه وفضائله



الكلمات المفتاحية

معرفة الله في الرخاء والشدة كمال التوحيد شفاعة العمل الصالح يونس عليه السلام أيوب عليه السلام

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled الإخلاص والتوحيد هما عمودان رئيسان لا يكمل الإيمان إلا بهما، ولا يتحقق الإيمان إلا بثبات علاقة العبد بربه عز وجل، وذلك بأن يجتهد في العبادة والذكر وال