السائرون إلى الله تعالى هم من وعدهم الله تعالى بالحفظ والإعانة يصبرون على الطاعة يتحملون أذى الغير يتصفون بصفات الأنبياء والصالحين من عباد الله عز وجل فهؤلاء في كنف الله تعالى ورعايته.. ويبقى السؤال: كيف أرضي الله عز وجل؟
وسائل رضا الله:
لرضا الله وسائل كثيرة وقبل ذكر بعض هذه الوسائل ينبغي الإشارة إلى أنه لا يمكن السير في طريق الله وتحقي قرضاه إلا بما شرع في كتابه ومتابعة ما جاء به النبي، فلا يمكن أن يرضى الله عنا ونحن نتخذ وسيلة غير مشروعة للطريق إليه:
-التعرف على الله بصفاته والنظر في الكون الفسيح فيوقن أن الأمر كله بيده، وأنه وحده من يدبر الأمر ، وأنه وحده الخافض الرافع، وحده من يعز ومن يذل، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ، وأن كلَّ الناس لا يملكون له ولا لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولا موتا ولا حياة ولا أي شيء. فإن أيقن العبد بذلك تعلق قلبه بربه ، لإيمانه أن الناس لا ينفعوه إلا بإذن ربه ، ولا يضروه إلا بإذنه وحده .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ).أخرجه الترمذي
- أن يوقن العبد أن محبة الناس له ورضاهم عنه بإذن ربه ومولاه ، فإن هو أرضى ربه ألقى محبته في قلوب عباده المؤمنين فعن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ:" يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) .فالله وحده من إذا أثنى على عبد ومدحه زانه ، وإذا سخط على عبد وذمه شانه، أما من سواه من الناس فلا يملكون من ذلك شيئا إلا بإذنه. وقد جاء في الحديث أن الله هو من يضع حب العبد أو بغضه في قلوب الخلق.
وقد أخرج البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ ، قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ).
- أن يوقن العبد أن التفات قلبه لمرضاة الناس دون رب العالمين خذلان ، يعود صاحبه مذموما لا مادح له ، مخذولا لا ناصر له ، وأنه إن تلمس مراضي الله وحده كفاه الله الناس .قال الله :(لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا). الإسراء/22.
وروى ابن حبان من حديث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال:( مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَسْخَطَ اللَّهَ بِرِضَا النَّاسِ وَكَلَهُ اللَّهُ إلى الناس ).والحديث صححه الشيخ الألباني .
-الصدق مع الله.
-الإخلاص في العمل .
-حب الناس ومعاونتهم في الخير.
-الزهد فيما عند الناس.
-متابعة سير الصالحين
- أن تعلم أن ليس إلى مرضاة الناس من سبيل ، فإن الإنسان الأصل فيه الظلم والجهل ، وإرضاء الناس غاية لا تُدرك ، فإنهم لم يرضوا عن ربهم أفيرضون عنك أنت ؟! أخرج البيهقي في "الزهد الكبير" بإسناد صحيح ، عن الحسن البصري أنه قيل له :" إن الناس يأتون مجلسك ليأخذوا سقط كلامك فيجدون الوقيعة فيك ، فقال : هون عليك فإني أطمعت نفسي في جوار الله ، فطمعت ، وأطمعت نفسي في الجنان فطمعت ، وأطمعت نفسي في الحور العين ، فطمعت ، وأطمعت نفسي في السلامة من الناس ، فلم أجد إلى ذلك سبيلا ، إني لما رأيت الناس لا يرضون عن خالقهم علمت أنهم لا يرضون عن مخلوق مثلهم" .
وقد قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ ليونس بن عبد الأعلى:" يَا أَبَا مُوسَى لَوْ جَهَدْتَ كُلَّ الْجَهْدِ عَلَى أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ كُلَّهُمْ ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَخْلِصْ عَمَلَكَ وَنِيَّتَكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"
فليكن همُّ العبد مرضاة ربه وحده ، فإن رضي فحسبك به . وليكن شعار حياتك ، ودأبك مع رب العالمين.