في هذا الزمن الذي نحياه، بات الكثير من الناس، يتمارض، ويدعي المرض، يتصور أحيانًا أنه بذلك قد يمنع عنه الحسد، أو ربما يحصل على تعاطف الناس.. والكارثة أنه بالفعل من يتمارض يمرض.
والكارثة الأكبر أن مدعي المرض بالتأكيد كاذب.. لكن يكذب على من؟.. هل على الناس أم على نفسه؟.. بالتأكيد يكذب على نفسه أولا، لأنه مع الوقت سيشعر وكأنه أصيب بداء ما وأن ما اعتبره (مزحة) بات حقيقة.
ادعاء يصيب صاحبه
ادعاء المرض.. لاشك في النهاية يصيب صاحبه، لأنه شاء أم أبى يومًا ما ستعرف الناس أنه كان يكذب، وبالتالي، إذا مرض بالفعل يومًا ما، لن يتزاوره الناس، وسيعلمون يقينًا أنه يكذب، وربما كان في أشد الاحتياج لمن يقف بجانبه، لكن فعلته الأولى، تسببت في ابتعاد الناس عنه..
وهذه القصة التي كانت تروى لنا في صغرنا، عن الطفل الذي كان يجيد العوم ويومًا ما صرخ في الناس أن يغيثوه من الغرق، ولما اقترب منه البعض ظل يرقص ويسخر منهم، وبعدها بعدة أيام جذبه الموج بالفعل، وظل يصرخ، إلا أن الناس امتنعوا عن مساعدته، فكانت النتيجة أن غرق، وما أغرقه إلا كذبه في المرة الأولى.
فلو كنت موظفًا وتريد الحصول على إجازة، لماذا في كل مرة تدعي المرض؟.. وإن كنت تلميذًا وتغيبت عن المدرسة، لماذا دائمًا العذر هو المرض؟.. وإن كنت تريد الخروج من مشكلة ما، لماذا دائمًا المخرج هو ادعاء المرض؟.. لو تدبرنا حالنا، الفترة الأخيرة، سنجد أننا ظللنا ندعي المرض حتى ابتلينا به، وما فيروس كورونا عنا ببعيد!.
اقرأ أيضا:
لماذا شرع الله الصوم.. هذه بعض حكمهتعلم من أيوب
هذا نبي الله أيوب عليه السلام، ابتلاه الله عز وجل بالمرض، إلا أنه لم يشتك، سنوات تمر، وهو على حاله، وحين يسأل، لماذا لا تسأل الله عز وجل رفع البلاء، فيقول: رزقني ربي عمرًا طويلاً بصحة جيدة، فلا أصبر على بضع شهور مريضًا!..
إذا كان من ابتلاه المرض بالفعل، يصبر، ويخجل من أن يسأل الله الشفاء، فكيف بالسليم يدعي المرض، تحت أي دعاوى كانت!.. وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ابتلي بالمرض، وحينما سأل قال: له أجران..
فإن ابتليت عزيزي المسلم حقيقة بالمرض، فاصبر واعلم أن صبرك تاج فوق رأسك يوم القيامة، فقد روى الترمذي في سننه من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض».