للأسف في زماننا هذا بات الشائع، أنه حينما تجد شيئًا غير مألوف أو سيئًا في الآخرين، نتسرع ودون أي مقدمات، نجري لنخبره بهذا الأمر.. بل البعض منا يظل يحتفظ في ذاكرته بهذه الصفة أو هذا الفعل السيء لغيره، ويظل يذكره أينما راح أو جاء.. على الرغم من أن الإسلام ضد ذلك تمامًا، وإنما حث على ضرورة أنك حينما تجد شيئا جميلاً في الآخرين.. فورًا يجب أن تخبرهم به.
بالأساس عملية الخلق أتت بكل ما هو جميل، إذ لم يفوت ربنا سبحانه وتعالى أمرًا إلا وزينه لنا، وأحيانًا ترى البعض ينظر إلى السماء ويتعجب من جمال نجومها وقمرها، بل أن آلاف الشعراء حينما يريدون أن يصفوا أي جميل يصفوه بالنجوم أو السماء أو القمر.. لهذا يقول المولى عز وجل: «وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ» (الحجر: 16).. فلماذا إذن نمتنع عن إظهار إعجابنا بفعل فعله أحدهم.. هل هي غيرة أم تكبر أم تعود؟.
كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي: «كن مع الفجر نسمة .... توسع الأزهار شمّا وتارة تقبيلا.. أيّهذا الشّاكي وما بك داء .... كن جميلا تر الوجود جميلا».. هكذا لخص الشاعر الحياة في هذا البيت.. من كان جميلا من داخله.. يحب الخير للناس، ويسعد لسعادتهم، ولا يشعر بأي نقص تجاههم، إنما هذا يكون قلبه جميلا بالفطرة.. إنما مثل هذا فهو يسير على خلق النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، الذي إذا سمع يومًا بكاء طفل أثناء الصلاة، فإنه يخفف الصلاة كي تلحق الأم برضيعها، بل كان يلاطف الأطفال ويداعبهم فقد مات طائر صغير كان لأبى عمير أخو أنس بن مالك فيذهب صلى الله عليه وسلم بجلالة قدره وعلو منزلته إلى ذلك الطفل ليعزيه في طائر له مات فقال : «يا أبا عمير، ما فعل النغير»؟ قال مات يا رسول الله.
اقرأ أيضا:
لماذا أجر الصوم مضاعف في رمضان؟لماذا لا نرى سوى السيء
كثير من الناس للأسف لا يرى سوى السيء من الناس، بل وتراه يتحرك من فوره لكي يخبر الناس عن هذا الأمر، مع أن الأساس في الإسلام هو العكس تمامًا، فمن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة، ومن تتبع عورة مسلمًا تتبع الله عورته في بيته.
أيضًا كثير منا حين يلتقي الناس يسلم بأصابعه فقط، كأنه يخشى أن تصيبه عدوى ما، رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لا ينزع يده حتى ينزعها الذي يسلم عليه وإذا سلم سلم بكلتا يديه، ولا يصرف وجهه عنك، حتى تصرف وجهك أنت، وكان يجلس حيث انتهى به المجلس، ولا تلقاه إلا مبتسمًا.. فأين نحن من هذه الأخلاق النبيلة.. وأين نحن من تأكيد المولى لنا أنه خلقنا في أحسن تقويم، وما ذلك إلا لكي نتعلم كيف نتعامل بالحسنى والكلم الطيب وجمال القلب، قال تعالى: «اَللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اْلأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ » (غافر: 64)، ثم جعل سبحانه له الكون من حوله جميلا، قال تعالى: «إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى اْلأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (الكهف: 7).