الدعاء.. ذلك الوساطة بين العبد وربه سبحانه وتعالى، الوقت المتاح للاستجابة على أي دعاء، لا يعلمه سوى الله عز وجل، وقد يلجأ البعض إلى الله سبحانه لسؤاله عن أمر ما، وينتظر كثيرًا حتى تتم الاستجابة له، لكن هناك دعاء إجابته تكون سريعة جدًا، لكننا للأسف لا نلجأ إليه، فعن أم الدرداء قالت: حدثني سيدي أبو الدرداء أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل»..
وفي رواية: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل»، إذن يرد عليه الملك من فوره.. فلماذا نسينا الدعاء لأهالينا أو أقاربنا أو أخواتنا بظهر الغيب؟.. رغم أهميته الشديدة وسرعة الاستجابة له.
الدعاء للغير في القرآن
القرآن الكريم تضمن العديد من الآيات على لسان عدد من الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن ذلك استغفار سيدنا يوسف عليه السلام لأشقائه، رغم كل ما فعلوه فيه، قال تعالى: « قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (يوسف: 98)، وأيضًا قوله تعالى على لسان سيدنا موسى عليه السلام: « قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (الأعراف: 151).
وما جاء على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام: « رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ » (إبراهيم: 41).. كأن رسالة واحدة من كل الأنبياء، وهي أن ندعو للآخرين، كونها أقرب الوسائل للاستجابة من الله عز وجل.
اقرأ أيضا:
أفضل ما تدعو به في السوق لتحفظ صيامكأن تدعو لك الملائكة
الدعاء بظهر الغيب، هو الطريق لأن تجعل الملائكة بذاتها تدعو الله لك، فعن أم الدرداء قالت: كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليلاً في الله يدعو لهم في الصلاة، قالت أم الدرداء: قلت له في ذلك، فقال: «إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب، إلا وكل الله به ملكين يقولان ولك بمثله، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة».
وما ذلك إلا لأنه دليل على التآلف والتوحد بين أطياف المسلمين، وهو ما نفهمه من هذا الحديث النبوي الشريف: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».