يقول الإمام ابن رجب: «إن غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة، يستدركون فيها ما فاتهم من توبة وعمل صالح، وأهل الدنيا يفرطون في حياتهم، فتذهب أعمارهم في الغفلة ضياعًا، ومنهم من يقطعها بالمعاصي».
نعم كل متوفي يتمنى لو يعود إلى الدنيا ولو ساعة يعيد فيها ترتيب حياته، ويستغفر الله عز وجل عن كل ذنب أذنبه، بل لو استطاع أن يمر على كل شخص أخطأ في حقه ليقبل رأسه حتى يسامحه لفعل.. بينما نحن نضيع أوقاتنا كثيرا فيما لا يفيد، ونخطئ ولا نتوب، ويمر علينا الوقت ولا ننتبه لضياعه، والخوف كل الخوف أن يأتي يوم ونتحسر فيه على كل ما فات!.
أمور بسيطة ستحتاجها في أخراك
في الآخرة، ستتمنى أمور كثيرة بسيطة جدًا لو عدت وفعلتها، أو لو كنت قد فعلتها في الدنيا، كأن تسلم على أحدهم وأنت تسير في طريقك، أو أن تسامح أحدهم أخطأ في حقك، أو أن تصلي ركعتين نافلتين تسأل الله عز وجل أن يرحمك من عذاب الدنيا والآخرة،.
كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه الطبراني، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: «مر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم على قبر دفن حديثًا، فقال: «ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون، يزيدهما هذا في عمله أحبّ إليه من بقية دنياكم».
ويروى أيضًا أنه مر الإمام الحسن البصري رحمه الله، بجنازة، وكان معه رجل مسرف على نفسه، فقال له الحسن: «ترى ما أمنية هذا الميت؟ فقال الرجل: أن يعود إلى الدنيا ليتوبَ ويصلحَ الزاد، فقال الحسن: فكن هذا الرجل».
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟انظر مكانتك بين القبور
عزيزي المسلم، انظر لمكانتك بين أهل القبور، لا تكذب على نفسك، ستعرف ببساطة أين أنت منهم، لأنك لاشك تدري ماذا فعلت، شرًا أم خير؟.. لكن للأسف لا يملأ عين ابن آدم إلا التراب.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما رواه عنه أنس رضي الله عنه: « لو أن لابن آدم واديا من ذهب، أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»..
في المقابل يتمنى صاحب الجنة أن يعود إلى الدنيا ليبشر أهله ويروي كيف حقق الله له وعده، قال تعالى عن صاحب آل ياسين: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ» (يس: 26-27).
كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن إذا بشر في قبره بالجنة، يتمنى أن يعود إلى أهله ليبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة.
إذ روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى المؤمن ما فسح له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي».. فاختر عزيزي المسلم هل تريد أن ممن يريد العودة إلى الحياة ليبشر أهله، أم ليعود عن ذنبه!؟.