يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ».. ماذا يعني ذله ؟.. هل تعني أن الإنسان ليس هو المتحكم في مشاعره؟!
بعض العلماء قالوا: نعم، أتدري لماذا؟.. (ولله المثل الأعلى ).. حينما يقول لك والدك (مش هسيبك تاخد القرار ده وتضيّع نفسك )!.. كأن هذا ما يحدث من المولى عز وجل معنا.. في منتهى اللطف الخفي .. كأن تكون تتمنى أمرًا ما وحينما تأتيك تشعر بالضيق فجأة.. أو تجد أمرًا كنت تتمناه جدا لم يتم، ثم بعد ذلك ترفضه تمامًا رغم أنك كنت تدافع عنه باستماتة.. أو تكون رافضًا لأمر ما بشدة، ثم تشعر من داخلك بأنك تريده فتلين شيئًا فشيئًا.. كل هذه أمور تسير في اتجاه تغيير المشاعر من الله.
كيف يحدث ذلك؟
لكن كيف يحدث ذلك؟.. هذا الأمر يحدث تحت مظلة : «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ».. إن كان سعيك وهدفك هو الله عز وجل.. سترزق البصيرة لاشك.. والبصيرة ليست سوى أن الله يقود قلبك ..ويجعل بصيرتك تنتصر على نفسك وأهواءك ، فترى بنور الله وينشرح صدرك وقلبك لما يرضي الله .. فيرضيك .. وتنفر مما لا يرضيه .. فلا يرضيك!
أما لو سعيك كان لغير الحق وللباطل .. فأنت استغنيت عن نور الله وعن البصيرة .. قال تعالى: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً».
لا تتعجب.. (إذا كنت ترى بنور الله ) من بين كل ما مر بك من تقلبات في قلبك ومشاعر مركبة ، ستجد نفسك تحب وتبعد .. ولا تحب وتقترب .. تحن وتضعف .. وتقوى وتختفي ..
لا تتعجب !
هذا هو الله عز وجل ينقذك .. من رحمته بك ، نتيجة لسعيك أنت ونواياك وأفعالك ..
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟جاهد نفسك
في النهاية عليك عزيزي السلم، عليك أن تجاهد نفسك، فلو كان سعيك لله .. وطوال الوقت تجاهد نفسك وجاءك وقت ما وضعفت .. فاعلم أن الله عز وجل لا ينتظر منك الخطأ.. فهو مطّلع على قلبك وعلى نواياك وعلى جهدك وعزيمتك، ومن ثم سيحول بينك وبين استمرارك في الذنب!
سينقذك من نفسك .. لأنه يحبك ويعلم أنك تحبه .. فاعلم وتأكد: (أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)، وأن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.. وتذكر قوله تعالى: «وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».