الإمام القرطبي إمام اهل السنة والجماعة بالاندلس ومصر هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي ولد حسب ادق الروايات في أواخر القرن السادس الهجري تقريبًا،وعاش في عصر دولة الموحدين وظلَّ يعيش بها حتى سقطت في أيدي الفرنجة سنة 633هـ، فانتقل منها إلى مصر، واستقرَّ بها حتى لقي ربه في 9 شوال 671ه  في مدينة المنيا جنوب مصر .

من هو الإمام القرطبي ؟

كانت قرطبة أكثر مدن الاندلس اهتماما بالعلم والفقه وموطنا ومستقرا لاغلب علماء هذه الفترة حيث عرفت باهتمامها بالعلم والفقه وتوفير كل أشكال الرعاية للعلماء والفقهاء وبها أنشئت التأليفات الرائعة، وصنِّفت التصنيفات الفائقةوكانت أيضًا أكثر بلاد الأندلس كتبًا، وأهلها أشد الناس اعتناءً بخزائن الكتب، من أروَج متاجريها حتى قيل: "إنه إذا مات عالمٌ بإِشْبِيلِيَة فأُريدَ بيعُ كتبه، حملت إلى قرطبة حتى تباع فيه.

نشا الإمام القرطبي في هذه البيئة المحبة للعلم والثقافة والعلوم الشرعية والفقه حيث تعلم القرآن الكريم وقواعد اللغة العربية وتوسع في دراسة الفقه والقراءات والبلاغة وعلوم القرآن وغيرها كما تعلم الشعر أيضا حتي اعتبر من كبار المفسرين وكان فقيهًا ومحدثًا ورعًا وزاهدًا متعبدًا.

تأثر الإمام القرطبي كثيراً بالغنى الثقافي والمعرفي الذي كانت تعرفه الأندلس عامة وقرطبة خاصة فنشطت الحركة العلمية في شتى الميادين اللغوية والعلمية والشرعية، نال منها الإمام الشيء الكثير.

انتاج الإمام القرطبي العلمي كان غزيرا مؤثرا فيما جاءوا بعده حيث نهلوا من هذا العلم واكتسبوا معارف هائلة خصوصا في الفقه واللغة والتفسير ومنها "الجامع لأحكام القرآن" هو كتاب جمع تفسير القرآن كاملاً والتذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة والتذكار في أفضل الأذكارو الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى والإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام واجتهار محاسن دين الإسلام.

الإمام القرطبي ومؤلفات غزيرة

مؤلفات الإمام القرطبي تضمنت أيضا الحرص بالزهد والقناعة و المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس واللمع اللؤلؤية في شرح العشرينات النبوية وهي مؤلفات تأثر به كثير من المفسرين جاءوا بعده، وانتفعوا بتفسيره وأفادوا منه كثيرا. ومن هؤلاء الحافظ بن كثير وأبو حيان الأندلسي الغرناطي وذلك في تفسيره البحر المحيط الشوكاني: القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني، وقد أفاد من القرطبي كثيراً في تفسيره فتح القدير.

كان الإمام القرطبي يحظي باحترام وتقدير كبيرين في أوساط العلماء والفقهاء حيث  قال عنه الذهبي: " إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة إطلاعه ووفود عقله وفضله".الحركة العلمية في عصر القرطبي:

وشاطر الذهبي في تقدير- الإمام القرطبي -ابن فرحون حيث ثمن جهد القرطبي قائلا : "كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف." ووافقه  ابن العماد قائلا : "وكان إمامًا عالمًا غوَّاصًا من الغوَّاصين على معاني الحديث، حسن التصنيف، جيِّد النقل".

كما افاد القرطبي الكثير ممن جاءوا بعده  فقد تأثر بمن سبقوه منهم الطبري: صاحب "جامع البيان في تفسير القرآن"، أفاد منه القرطبي وتأثر به خاصة في التفسير بالمأثور وكذلك الماوردي: وقد نقل عنه القرطبي وتأثر به وهو ما تكرر مع أبو جعفر النحاس: صاحب كتابي:" إعراب القرآن، ومعاني القرآن" وقد نقل عنه القرطبي كثيراً.

الإمام القرطبي تأثير وتأثر

لم يتوقف تأثر القرطبي بهؤلاء بل نهل من علم ابن عطية: وهو القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية صاحب "المحرر الوجيز في التفسير"، وقد أفاد القرطبي منه كثيراً في التفسير بالمأثور وفي القراءات واللغة والنحو والبلاغة والفقه والأحكام وكذلك أبو بكر ابن العربي صاحب كتاب "أحكام القرآن"، أفاد منه القرطبي وناقشه ورد هجومه على الفقهاء والعلماء

تأثر الإمام القرطبي  بمن سبقوه وتأثيره فيمن خلفوه يؤكد أنه  كان من أولئك الذين اتَّسموا بجودة في الفهم، وقوة في النشاط الذهني؛ إذ إن ما حصَّله من معارف مختلفة - ظهر أثرها في تفسيره - يوحي بذلك، ويومئ إلى أنه لا بد أن يكون قد بدأ في تلقِّيها منذ نعومة أظافره

القرطبي والعصمة من البلاء

تأثير الإمام القرطبي لم يتوقف عند علوم اللغة والتفسير فقط بل ترك اثارا من الاقوال المأثورة خصوصا في أيام الكوارث والجائحات التي يعاني منها العالم الإسلامي بسبب فيروس كورونا حيث تضمن تراثه القول أربعة معصومون من البلاء

حيث قال :  كل بلد فيه هؤلاء الاربعة فاهلها معصومون من البلاء أولهم  حاكم عادل لا يظلم وثانيهم عالم في سبيل الهدي وفقهاء   يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحرصون علي طلب العلم والقرآن ونساء مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية الاولي .