أخبار

ضعف الشخصية أول طريق الغواية والحرام.. كيف توطن نفسك؟

تخيرتها جميلة ففوجئت بقبحها.. كيف نخدع أنفسنا ونفشل في الاختيار؟

إنجاز الوعد من أخلاق الكبار.. هل سمعت بهذا؟

تقدم مذهل.. العلماء يبتكرون طريقة علاج جديدة لسرطان الدم

6ثمرات يجنيها العبد المؤمن إذ صبر علي هموم الدنيا .. فرّج الله همّه، ودفع عنه الضر ورفع درجته في مقدمتها

بعد معاناة استمرت 613 يومًا.. وفاة أطول مريض في العالم بفيروس كورونا

الثبات على المبدأ.. متى تتأكد من هويتك وتثبت لنفسك أنك على الحق؟

الإخلاص كلمة السر فى قبول الأعمال.. كيف نحققه؟

سر صمت "يونس" بعد خروجه من بطن الحوت

خطيبي يسألني عن مرتبي ومشاركتي في مصروفات البيت وأنا تضايقت ولذت بالصمت.. ما العمل؟

تعرف على هدي النبي في التعامل مع الناس

بقلم | علي الكومي | الثلاثاء 13 نوفمبر 2018 - 06:33 م

ما أجمل أن نطيب الذكر بالكلام عن خير البشر؛ فهو القدوة الحسنة وهو النور الذي بعثه ربه لينير الدنيا فتتسع الأمور بعد ضيق، وتسهل بعد عسر.

ولا أفضل من أن يكون كلامنا عنه صلى الله عليه وسلم منضبطًا حنى نسهّل الطريق لمحبيه وليتعرف عليه من يبغي السعادة في دنياه وأخراه.


كيف كان صلى الله عليه وسلم يعامل الناس؟



بداية الناس كلمة جامعة تشمل كل من تعامل معه الحبيب صلى الله عليه وسلم من أصحابه وأعدائه وزوجاته وغيرهم، لكننا هنا تركز في الصفات الجامعة التي لا تفارقه عند معاملته الغير على اختلافات صلاتهم به وقربهم أو بعدهم عنه، ومن هذه الصفات ما يلي:

-الرفق: هو واحدة من أهم الصفات التي تميز بها رسول الله لا ما أحبابه فقط بل مع أعدائه، وكانت سببا في هدايتهم وإقبالهم على الدين: قال تعالى:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ..".


-الإكرام: أو إن شئت قل (الإحسان)، وهي كلمة جامعة لكل معالم الخير فلا يجهل على أحد ولا يسخر من أحد، لكنه يتودد إلى الغير من غير مسألة، يتعرف مشكلاتهم ويعالج أمورهم ويصلح بين المتخاصمين؛ يمنح المحتاجين في غير ذل ويسعى مع الضعيف حتى ينجز له حقه يدافع عن المظلوم ويأخذ على يد الظالم يمنح من غير حساب همه الله والدار الآخرة.


-التواضع: م يكن تواضعه صلى الله عليه وسلم كباقي البشر فهو المنزه عن المعاصي ولو أراد ملكا ملكه الله ولو أراد مالا أعطاه الله ولجاءت إليه الدنيا تحت قدمه، لكنه يتواضع لمن تحته ويصغي لكلامهم وحبه للفقراء والمستضعفين ملأ عليه حياته؛ فصفة التواضع إذًا في حياته كانت ذات طبيعة مختلفة عن غير عن البشر فأحبه الناس وأقبلوا على دعوته.


- الصدق: حتى مع أعدائه يصدقهم في كلامه ولا يغرر بهم ليوقعهم، بل حتى في مزاحه صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا صدقًا، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنهم قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقًا.

هذه بعض صفاته التي عامل بها الخلق ولم تنفك عنه، وعرف بها وتوارثها أحبابه وأصحابه في حياته وبعد وفاته، وهي خير ما يمكن أن نحتفل به في مولده إن اكتسبناها في دنيانا لنرشد في الدارين الدنيا والآخرة.



كيف كان يعامل الرسول أصحابه؟


من ينظر في حال النبي ومعاملته غيره يجد عجبا يزول هذا العجب حين تتذكر أن الذي رباه هو الله وهو الذي وصفه بأنه على خلق عظيم.

معاملة النبي صلى الله عليه وسلم غيره كانت تتسم بالود والحب والسماحة والرحمة والإشفاق والتواضع ولميكن أبدا غليظا حتى على أعدائه.. نستعرض في هذه السطور جانبا من صفاته صلى الله عليه وسلم وكيف كان يعامل أقرب الناس له أصحابه رضوا الله تعالى عليهم أجمعين.


رحمة الرسول بأصحابه


كانت الرحمة أبرز صفات النبي في معاملة أصحابه وفق ما أمره به الله تعالى؛ كما في قوله سبحانه وتعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ "

ومن صور رحمته أنه كان رفيقا بهم صابر على تعليمهم أو جفاء بعض من اعتاد على شيء من ذلك ما رواه أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قَالَ أَنَسٌ: فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ".

وما رواه أبو هُرَيْرَةَ : "أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ".


تسرية الرسول لأصحابه


ومن هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أصحابه أنهم إن وقعوا في ضيق أو أصابتهم نائبة وقف بجانبهم ولم يخذلهم وعاونهم وعلى الخروج من المأزق؛ إذ كان يشعر بآلامهم ، ويجعل لهم من محنهم منحا ، ومن الحزن فرحا ، ومن الألم أملا، ومن هذا أنه شرع صنع الطعام لأهل الميت، والدليل على ذلك حديث عبدالله بن جعفر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:« اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ»، قال الأمير الصنعاني: " فيه دليل على شرعية إيناس أهل الميت بصنع الطعام لهم لما هم فيه من الشغل بالموت".

ومن هذا ما رواه أنس - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من النَصَب والجوع قال : ( اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة .. فقالوا مجيبين له : نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما حيينا أبدا.


 الرسول يدعو لأصحابه


وهذا قمة الود والحب فقد قال عنه ربه: "لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" فكان يلطف بمن حوله وإن أخطأوا ويعلمهم في رحمة فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ! فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي! مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ! مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ... " رواه مسلم.


الرسول يشاور أصحابه


فمن هديه مع أصحابه أنه كان لا ينفرد بالأمر الذي يرجع فيه إلى الخبرة والتجربة والرأي، فكان يستشير أصحابه ويشركهم في الأمر، امتثالا لقوله تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ، يقول ابن كثير: " ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث، تطييبا لقلوبهم؛ ليكونوا فيما يفعلونه أنشط لهم كما شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير، فقالوا: يا رسول الله، لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقول: اذهب، فنحن معك وبين يديك وعن يمينك وعن شمالك مقاتلون.

وشاورهم -أيضا-أين يكون المنزل؟ حتى أشار المنذر بن عمرو، الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ [كان يلقب بذلك] ، بالتقدم إلى أمام القوم، وشاورهم في أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدو، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم، فخرج إليهم.

وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، فأبى عليه ذلك السعدان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فترك ذلك.

وشاورهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين، فقال له الصديق: إنا لم نجيء لقتال أحد، وإنما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال.

وقال عليه السلام في قصة الإفك: ( أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم، وايم الله ما علمت على أهلي من سوء، وأبنوهم بمن -والله-ما علمت عليه إلا خيرا ). واستشار عليا وأسامة في فراق عائشة، رضي الله عنها.

وبهذا يتججلى بعض صفات الرسول الكريم في معاملة خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين وهم صحابته رضوان الله عليهم اجمعين.


هكذا كان يعامل رسول الله خادمه


اقتضت مشيئة الله وحكمته أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء، وسخر كلاً من الطائفتين للأخرى، فلا شك أن الخدم والأجراء نعمة من الله تعالى على المخدومين لتسهيل أمور دنياهم، فيتحملون عنهم أعباء الأعمال وهمومها ليوفروا على مخدوميهم الراحة والسعادة والتخفيف من المتاعب والمشاق، ولذا نهج لنا الإسلام منهاجاً يضمن حقوق هؤلاء الأجراء والخدم مالياً وأدبياً كإطعامهم واحترامهم وإكرامهم.


يقول الله عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [الأنعام: 165]، وعن المعرور بن سويد، قال: رأيت أبا ذر بالرَّبَذة وعليه برد غليظ، وعلى غلامه مثله، قال: فقال القوم: يا أبا ذر، لو كنت أخذت الذي على غلامك، فجعلته مع هذا، فكانت حلة، وكسوت غلامك ثوبًا غيره، قال: فقال أبو ذر: إني كنت سابَبْتُ رجلًا، وكانت أمه أعجمية، فعيرته بأمه، فشكاني إلى رسول الله فقال: ((يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية))، قال: ((إنهم إخوانكم، فضلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه، ولا تُعذِّبوا خلق الله)).


ولنا أسوة وقدوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يعامل خدمه بمنتهى الرفق واللطف، ويُحسن إليهم في أمورهم، فلا يلومهم فيما صدر عنهم من الأخطاء والزلات، ويعتني بحاجياتهم، ويقضي مآربهم، حتى ما يقول لهم أفٍ قط.


فيقول أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين، لا والله ما سبني سبَّة قط، ولا قال لي: أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لمَ فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته؟.


ويروي أنس رضي الله عنه بنفسه: أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أحسن الناس خُلقًا، أرسلني يومًا لحاجة، فقلتُ: والله لا أذهب - وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم - فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: ((يا أُنَيْسُ، أذهبتَ حيث أمرتُك؟))، فقلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله.


كانت سيرة رسول الله خير شاهد على عظمة النظرة الإسلامية للخدم والعمَّال، وكانت إقرارًا من رسول الله، فقد دعا رسول الله أصحاب الأعمال إلى معاملتهم معاملة إنسانيَّة كريمة، وإلى الشفقة عليهم، والبرِّ بهم، وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال، فقال رسول الله: ".. إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ".


فجاء تصريح رسول الله: "إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ"؛ ليرتفع بدرجة العامل الخادم إلى درجة الأخ! ولتصبح هذه الضوابطَ العامَّة التي توفِّر الحياة الكريمة لبني الإنسان عمومًا.


وألزم كذلك صاحب العمل أن يُوَفِّيَ للعامل والخادم أجره المكافئ لجُهده دون ظلم أو مماطلة، فقال رسول الله: "أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ".


وحذَّر رسول الله من ظلمهم فقال: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ". فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ فقال: "وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ".


ومن حقِّهم أيضًا أن تُحْفَظ حقوقهم الماليَّة من الغبن، والظلم، والاستغلال؛ لذلك قال رسول الله في الحديث القدسي عن ربِّ العزَّة: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ". لِيَعْلَمَ كلُّ مَنْ ظلم عاملاً أو خادمًا، أن الله رقيب عليه وخصم له يوم القيامة.


ومن رحمة الإسلام، أنه حث صاحب العمل بإطعام أجيره، أخرج الإمام أحمد بسند ثابت عن المقداد بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة».


كما يجب على صاحب العمل عدم إرهاق العامل إرهاقًا يضرُّ بصحَّته ويجعله عاجزًا عن العمل، ولقد قال رسول الله في ذلك: "مَا خَفَّفْتَ عَنْ خَادِمِكَ مِنْ عَمَلِهِ، كَانَ لَكَ أَجْرًا فِي مَوَازِينِكَ".


ومن الحقوق التي تُعتبر علامة مضيئة في الشريعة الإسلاميَّة حقُّ الخادم في التواضع معه، وفي ذلك يُرَغِّب الرسول أُمَّته قائلاً: "مَا اسْتَكْبَرَ مَنْ أَكَلَ مَعَهُ خَادِمُهُ، وَرَكِبَ الْحِمَارَ بِالأَسْوَاقِ، وَاعْتَقَلَ الشَّاةَ فَحَلَبَهَا".


ولأن حياة رسول الله كانت تطبيقًا لكل أقواله، فإن السيدة عائشة -رضي الله عنها- تروي فتقول: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِمًا..."


وقال أبو مسعود البدريُّ: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط، فسمعت صوتًا من خلفي: ((اعلَمْ أبا مسعود))،فلم أفهم الصوت من الغضب - قال - فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: ((اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود))،قال: فألقيتُ السوط من يدي، فقال: ((اعلَمْ أبا مسعود أن اللهَ أقدرُ عليك منك على هذا الغلام))،قال: فقلتُ: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا


وقد امتدَّت رحمة رسول الله بخدمه لتشمل غير المؤمنين به أصلاً، وذلك كما فعل مع الغلام اليهودي الذي كان يعمل عنده خادمًا، فقد مرض الغلام مرضًا شديدًا، فظلَّ النبي يزوره ويتعهَّده، حتى إذا شارف على الموت عاده وجلس عند رأسه، ثم دعاه إلى الإسلام، فنظر الغلام إلى أبيه متسائلاً، فقال له أبوه: أطِعْ أبا القاسم. فأسلم، ثم فاضت رُوحه، فخرج النبي، وهو يقول: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".


عن أبي ذر الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((إن الفقيرَ عند الغني فتنة، وإن الضعيف عند القوي فتنة، وإن المملوك عند المليك فتنة، فليتقِ اللهَ عز وجل، وليُكلِّفْه ما يستطيع، فإن أمره أن يعمل بما لا يستطيع فليُعِنْه عليه، فإن لم يفعل فلا يعذبه)).


ونهى الإسلام عن احتقار الخادم أو الأجير والحط من شأنه، فأن من حسن الخلق أن نحرص على نفسية خادمنا، فلا نهينه بكلمة نحتقره بها، أو نحط بها من شأنه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «لا يقولن أحدكم عبدي فكلكم عبيد الله، ولكن ليقل فتاي، ولا يقل العبد ربي ولكن ليقل سيدي».

الكلمات المفتاحية

كيف كان يعامل الرسول أصحابه؟ رحمة الرسول بأصحابه تسرية الرسول لأصحابه الرسول يشاور أصحابه هدي النبي في التعامل مع الناس

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled ما أجمل أن نطيب الذكر بالكلام عن خير البشر في ذكرى مولده؛ فهو القدوة الحسنة وهو النور الذي بعثه ربه لينير الدنيا فتتسع الأمور بعد ضيق، وتسهل بعد عسر.