بيت العنكبوت أخبرتنا به الآية الكريمة تخبرنا:"كمثل العنكبوت اتخذت بيتا"، ومعلوم أن القصد من البيت يأتي بمعنى أنها تسكن فيه وتعيش فيه، لكن الشبكة العنكبوتية فالثابت علميا أن أنها لا تعيش فيها؛ أي ليست بيتها على الرغم من أن مسماها بيت العنكبوت، ولكنها تستخدم الشبكة فقط للصيد وليس للعيش فيها.
فكيف يمكن المطابقة بين الآية الكريمة التي تخبر أن شبكة العنكبوت هي بيتها ومسكنها، وبين أن العناكب لا تعيش وتسكن في هذه الشبكة بل تستعملها فقط للصيد؟
الجواب:
بعد مقدمة طويلة ذكرتها لجنة الإفتاء بــ"إسلام أون لاين" نصحت فيها السائل وغيره ممن يثير الشبهات حول القرآن والسنة بالابتعاد عن هذا الطريق كونه باب فتنة وشر، بينت "اللجنة" أن كون العناكب تستخدم ما تنسجه للصيد، ليس فيه أدنى معارضة للآية الكريمة، وهو أصلا ليس من مكتشفات العلم الحديث، بل هو أمر مشاهد منذ القدم، ومذكور في كتب الحيوان التراثية، ككتاب الحيوان للجاحظ (المتوفى: 255هـ) و كتاب: حياة الحيوان الكبرى للدميري،(المتوفى: 808هـ).
وأضافت: في الآية الكريمة التصريح بأن العناكب تعيش وسط ما تنسجه؟ وتسمية نسج العنكبوت بيتا لا يلزم منه أنها تعيش فيه أبدا لا تفارقه. وهذا أيضا أمر مشاهد لا يفتقر في إثباته إلى العلم الحديث أصلا.
وأوضحت: أن ضعف اليقين مع قلة العلم، يقودان المرء إلى الاعتراض على آيات التنزيل بهذه الشبهات الواهية التي هي أوهن من بيت العنكبوت!
وتستأنف النصح بالبعد عن الأسئلة المثيرة الشبهات، مبينة أن من دأب الأئمة تقريع متتبعي الشبهات وتوبيخهم والإعراض عن مناقشتهم، يقول ابن تيمية -حاكيا طريقة الصحابة ومن اتبعهم بإحسان-: كانوا إذا رأوا من يسأل عن المتشابه، بالغوا في كفه تارة بالقول العنيف؛ وتارة بالضرب، وتارة بالإعراض الدال على شدة الكراهة لمسألته.
وذكرت: أنه لما بلغ عمر -رضي الله عنه- أن صبيًا يسأل عن المتشابه، أعد له عراجين النخل، فبينما عمر يخطب، قام فسأله عن: {والذاريات ذروا} {فالحاملات وقرا} وما بعدها. فنزل عمر فقال: "لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك بالسيف" ثم أمر به فضرب ضربا شديدا، وبعث به إلى البصرة، وأمرهم أن لا يجالسوه، فكان بها كالبعير الأجرب، لا يأتي مجلسا إلا قالوا: "عزمة أمير المؤمنين" فتفرقوا عنه حتى تاب، وحلف بالله ما بقي يجد مما كان في نفسه شيئا، فأذن عمر في مجالسته، فلما خرجت الخوارج أتي فقيل له: هذا وقتك، فقال: لا، نفعتني موعظة العبد الصالح.
ولما سئل "مالك بن أنس" -رحمه الله تعالى- فقيل له: يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} كيف استوى؟ فأطرق مالك وعلاه الرحضاء -يعني العرق- وانتظر القوم ما يجيء منه فيه. فرفع رأسه إلى السائل وقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء". وأمر به فأخرج.