عزيزي المسلم، في مثل هذه الظروف، وما يعيشه العالم من بلاء شديد، قد يسأل الإنسان نفسه،
لماذا يمنع الله عنا أمرًا ما؟.. حينها ربما ينسى الإنسان أن الله ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وأنه متى أدركت الحكمة في المنع، عاد المنع عين العطاء.
علينا أن نراجع أنفسنا فيما يخص المنع والعطاء من الله عز وجل، ولا نيأس من فضل الله سبحانه وأنه سبق ووعد نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، بمنحه كل ما يريد حتى يرضى، قال تعالى: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى » (الضحى: 5)، وبما أننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا نيأس من أن عطاءه قد يلحقنا يومًا ما، لكن بالتأكيد بعد تحقيق بعض الشروط.
العطاء موجود
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا» (الإسراء: 20)، والمعنى واضح جدًا، وهو أن عطاء الله ليس ممنوعًا أبدًا، وإنما موجود والله قادر عليه آناء الليل وأطراف النهار، لكن نحن من يمنع عن أنفسنا العطاء، إما بالبخل أو بالبعد عن مسلك الله عز وجل، أو بالإنفاق في غير ما يرضي الله عز وجل.
فعطايا الله متعددة ومختلفة، لكنه خص لأفضل فيها للمتقين، قال تعالى: «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا».. إذن سر على هذه الخطى تصل في النهاية إلى «جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا».
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟كن البادئ بالعطية
عزيزي المسلم، كن أنت البادئ بالعظية، اعط كما لو لم تكن تخشى الفقر، وهذا درب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جاءه إعرابيًا فسأله مسألة ما، فأعطاه غنما سدت ما بين جبلين، فرجع هذا الرجل إلى قومه وقال: أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاءً من لا يخشى الفقر.. إذن انبذ البخل، يعطك الله عز وجل من حيث لا تحتسب.
ففي الصحيحين عن جبير بن مطعم: أن الأعراب علقوا بالنبي صلى عليه وسلم مرجعه من حنين، يسألونه أن يقسم بينهم فقال: «لو كان لي عدد هذه العضاة نعَمًا، لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً، ولا كذوباً، ولا جباناً».