أخبار

بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟

من جدري الماء إلى الحصبة.. أبرز 8 أمراض يصاب بها الأطفال

كيف أجعل بيتي جنة في رمضان رغم ضيق الحال وكثرة الأعباء؟

بالفيديو.. عمرو خالد: أفضل طريقة تزيل خوفك وقلقك على مستقبلك (الفهم عن الله - 2)

بالفيديو ..د. عمرو خالد: احذر أن يسرق منك رمضان ..أيامه تنقضي سريعًا فاستغل كل لحظة فيه بالتقرب إلى الله

نصائح لمريض السكري في رمضان.. متى يضطر للإفطار؟

رمضان فرصة عظيمة لمحاسبة النفس وتهذيبها.. كيف ذلك؟

سنة نبوية رمضانية مهجورة.. من أحياها سقاه الله جرعة ماء من حوضه يوم القيامة ..وكان له مثل أجر الصائم

عادات غذائية غير صحية تضر بقدرتك على الصيام.. تجنبها في رمضان

ما حكم الاحتلام وممارسة العادة السرية في نهار رمضان؟ (الإفتاء تجيب)

الشيخ محمد رفعت.. "قيثارة السماء" (نموذج فريد في الزهد وعفة النفس)

بقلم | عاصم إسماعيل | الثلاثاء 09 مايو 2023 - 07:03 ص

كان أول من أسس مدرسة للتجويد القرآني في مصر، وأول من تلا القرآن في الإذاعة المصرية، أطلق عليه العديد من من الألقاب، منها "قيثارة السماء"، "الصوت الملائكي".

ترتبط تلاواته القرآنية في أذهان الناس في مصر، بشهر رمضان، حيث اعتادت الإذاعة أن تذيع تلاوة قراءة المغرب بصوته عبر الأثير، وعلى الرغم من التسجيلات لم تكن بجودة عالية، إلا أنها تكشف عن موهبة قرآنية نادرة أسرت القلوب بصوتها.

ولد الشيخ محمد رفعت في درب "الأغاوات" بحي المغربلين بالقاهرة في التاسع من مايو عام 1882، وسماه والده الذى كان يعمل مأمورًا بقسم شرطة الخليفة اسما مركبًا هو "محمد رفعت"، وبعد عامين من ولادته، فقد بصره، ووجهه والده إلى حفظ القرآن الكريم لما لمسه فيه من نجابة وحلاوة صوت.

وألحقه بكتَاب مسجد فاضل باشا بحي "المغربلين"، فأتم حفظ القرآن وتجويده قبل أن يكمل تسع سنوات، وخلال مراحل حفظه للقرآن، انتبه شيخه لجودة صوته وترتيله للقرآن، ووصلت درجة الثقة فيه، إلى أن أعطاه بعض الليالي ليحييها بصوته العذب في هذه السن الصغيرة، وكان المستمعون ينبهرون بصوته.

بعد أن أكمل الفتى الخامسة عشر بقليل، توفي والده، فأصبح عائلًا ومسئولاً عن منزل كامل يعيش فيه مع أمه وأخته وخالته، واثنين من الصبية أشقاء له أصغر منه لم يجد أمامه سوى كتاب الله ليعتصم به، ويتكئ عليه ليخرج من الأزمة، فبدأ يقرأ القرآن في المناسبات المختلفة مقابل المال، حتى تم تعيينه قارئًا في مسجد فاضل باشا.

لمع اسم الشيخ وعشق الملايين صوته، لم يقتصر الأمر على المصريين، بل كذلك الأجانب الذين كانوت يجلسون بالشرفة العلوية الكبيرة بمسجد فاضل باشا للاستماع إلى صوته الذي ملك قلوبهم وعقولهم، وكان سببًا في دخول الكثير منهم إلى الإسلام، وظل يقرأ القرآن ويرتله في هذا المسجد قرابة الثلاثين عامًا، وفاء منه للمسجد الذى بدأ فيه حفظ كتاب الله، على الرغم من العروض الكثيرة للقراءة في المساجد الكبرى كمسجدي الإمام الحسين والسيدة زينب.

نقطة التحول 


نقطة التحول الأهم في حياة الشيخ رفعت جاءت عندما طلب منه المسئولون بالإذاعة المصرية وقتها، أن يفتتح المحطة الإذاعية بصوته العذب، لكنه رفض العرض، وبرر ذلك بقوله: "أنا ممكن اقرأ القرآن في الإذاعة، والراديو يكون موجودا في خمارة، يبقى إزاي الناس هتسمع القرآن، وهما قاعدين بيسكروا ويشربوا الخمر.. أكيد الموضوع حرام".

وظل الشيخ رفعت في حيرته عدة أيام، وسأل العديد من المشايخ عن رأيهم في الأمر، إلى أن استفتى الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، شيخ الأزهر آنذاك، فأفتى له بالجواز، قائلاً له: "عسى الله أن يهدي بك أحدًا، يعني ممكن وأنت بتقرأ ويسمعك وهو في الخمارة وربنا يهديه"، فكان أول صوت يصدح بالقرآن في الإذاعة المصرية، واستهل قراءته بقوله تعالى من أول سورة الفتح "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا"، وكان ذلك في صباح غرة مايو عام 1934.

ولما سمعت الإذاعة البريطانية (بي بي سي العربية)، صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنًا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغي، فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.

كانت له طريقته المتفردة في القراءة، فكان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته فهو خفيض في بدايته، ومن ثم يزداد صعودًا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف، وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة، إذ يستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف.

نفس عفيفة


كانت للشيخ رفعت نفس عفيفة زاهدة في الحياة، فلم يكن طامعًا في مال ولا لاهثًا خلفه، وإنما كان ذا مبدأ ونفس كريمة، ورفض أن يحصل على المال للعلاج في محنته المرضية، قائلاً: "إن سادن القرآن لا يمكن أبدًا أن يهان أو يدان"، وعندما عرض عليه في عام 1935 أن يذهب للهند لإحياء شهر رمضان مقابل 15 ألف جنيه مصري، وكان مبلغًا ضخمًا آنذاك، لكنه اعتذر عن عدم السفر، فوسّط المهراجا "نظام حيدر آباد" الخارجية المصرية، لأنه كان يعتقد أن رفض الشيخ الزيارة لقلة المبلغ، فضاعف المبلغ 100 جنيه زيادة لكل ليلة من ليالي رمضان، لكن الشيخ أصر على اعتذاره، وصاح فيهم غاضبًا: "أنا لا أبحث عن المال أبدًا، فإن الدنيا كلها عرض زائل".

محب للموسيقى


الشيخ رفعت كان محبًا للموسيقى، وللاستماع لها، فأحب الاستماع إلى بيتهوفن، وباخ، ودرامز، وموتزارت، وفاجنر، وكان يحتفظ بالعديد من الأوبريتات والسيمفونيات العالمية في مكتبته.

وأقام صالونًا ثقافيًا قصده نخبة من المثقفين والفنانين منهم: أحمد رامى ومحمد التابعى وكامل الشناوى، وكانت تحضر ليلى مراد قبل إسلامها برفقة والدها، وارتبط الشيخ محمد رفعت بصداقة قوية مع صالح عبدالحى وزكريا أحمد ومحمد عبدالوهاب، وفى أيامه الأخيرة كان أقرب أصدقائه الفنان نجيب الريحاني وكان يزوره بصفة دائمة للتخفيف عنه والوجود بجواره.

ويروى عن الشيخ أنه كان رحيمًا رقيقًا ذا مشاعر جياشة عطوفًا على الفقراء والمحتاجين، حتى إنه كان يطمئن على فرسه كل يوم ويوصي بإطعامه، ويروى أنه زار صديقَا له قبيل موته، فقال له صديقه من يرعي فتاتي بعد موتي، فتأثر الشيخ بذلك، وفي اليوم التالي، والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى حتى وصل إلى قول: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ"، فتذكر الفتاة وانهمر في البكاء بحرارة، ثم خصص مبلغًا من المال للفتاة حتى تزوجت.

اقرأ أيضا:

"تركك ما لا يعنيك".. من أفضل العبادات والمجاهدة في رمضان

موقف غريب 


فى أحد الأيام، طلب من أولاده أن يحضروا سائق السيارة له، بعد أذان المغرب، وأمره أن يتوجه لمنطقة في وسط القاهرة، وكان يوجه السائق بالدخول فى الشوارع مرة يمينا وأخرى يسارًا، والسائق متعجب من ذلك، حتى انتهى بهم المطاف أمام سرادق عزاء لسيدة، فدخل السرادق وطلب ابن السيدة وشد عليه في الكلام، قائلا له: "لمَ لم تنفذ وصية والدتك بأن تحضرني للقراءة في عزائها؟ فاعتذر الابن معللاً بـ "أنني خفت من عدم حضورك، ولا أتمكن من توفير أجرك، فوبخه الشيخ محمد رفعت، فقال له: إن والدتك جاءتنى في الرؤيا، وطلبت مني أن أقرأ القرآن في عزائها، واستأذن القراء وظل يقرأ حتى نهاية العزاء" .

ويذكر أن أحد الأثرياء قد دعاه للقراءة يومًا في مناسبة ما، فلما انتهى الشيخ من تلاوته أعطاه الثرى أجر وقته الذى قضاه في التلاوة، فلم يعرف ما أخذ، فلما رجع الثرى لبيته وجد أنه أخطأ وأعطى الشيخ "مليمًا" بدلاً من "جنيه ذهبي"، فتحرج كثيرًا وهرول للشيخ يعتذر له ويستسمحه أن يأخذ الجنيه الذهبي فأبى الشيخ قائلاً للرجل: "المليم هذا رزق ربى والحمد لله على ما رزقني"، ورفض أخذ الجنيه.

رفض مال الملك 


وذات مرة كان الشيخ رفعت يقرأ القرآن فى سرادق عابدين وبعد أن انتهى من القراءة أمر الملك فاروق بإعطاء الشيخ بعض المال ولكنه رفض وقال للملك فاروق: أنا أقرأ القرآن الكريم لله تعالى.

أصيب الشيخ في أواخر أيامه بـ"سرطان الحنجرة " وكان يعرف في ذلك الوقت "بالزغطة" وكانت تهاجمه أثناء التلاوة في الإذاعة، وظلت فترة طويلة حتى أنه بكى وامتنع عن الذهاب للإذاعة منذ ذلك اليوم، وكان زاهدًا في الحياة، وكان يبكي كثيرًا بعد مرضه، ليس لمرضه أو لعدم حصوله على المال من القراءة، ولكن كان يبكي لتوقفه عن قراءة القرآن.

بعد مرضه دشن بعض المحبين له، ومنهم الكاتب الصحفي أحمد الصاوي "اكتتابًا عامًا" ليتم جمع مبلغ مالي كبير لعلاجه، وبعد جمع مبلغ خيالي، رفض الشيخ الفكرة، وقال لهم: "من أمرضني قادر على شفائي.. ردوا للناس فلوسهم"، ولأن المبلغ كان كبيرا جدًا، وعدد المتبرعين كثيرا، فإن إعادة الأموال إلى أصحابها كانت صعبة، وتمت عملية إعادة الأموال لمن يعرفونهم، ومن تبرع دون أن يخبر الناس باسمه، تصدقوا بالمال للفقراء، وظل يعانى من سرطان الحنجرة حتى توفاه الله في نفس يوم مولده التاسع من مايو عام 1942.


الكلمات المفتاحية

الشيخ محمد رفعت قراء القرآن شهر رمضان

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled كان أول من أسس مدرسة للتجويد القرآني في مصر، وأول من تلا القرآن في الإذاعة المصرية، أطلق عليه العديد من من الألقاب، منها "قيثارة السماء"، "الصوت الملا