من أسوأ عادات الجاهلية،
التباهي بالحسب والنسب، و"الفشخرة الاجتماعية"، التي كانت تصل لحد الاقتتال بسببها، ورغم أن الإسلام جاء ليقضي على مثل هذه الظواهر جملة وتفصيلاً، إلا أنه رغم مرور أكثر من 14 قرنًا، مازالت هذه الآفة تملأ عقول الكثيرين.
والأمر يقتصر فقط على أهالي الجنوب أو الأرياف، بل حتى في المدينة، وربما بين كبار المتعلمين، بينما الحقيقة هي مجرد محاولة من شخص ما للظهور بما ليس فيه أو بما لا يملك وذلك لأسباب منها قلة ثقة بالنفس، ومحاولة الانتساب لطبقة أعلى، وأحيانا لجذب الانتباه أو للتسويق كمقاول يركب سيارة مرسيدس مستأجرة لإيهام العميل وهكذا.
اقرأ أيضا:
لماذا أجر الصوم مضاعف في رمضان؟كيف قضى الإسلام على العنصرية
الإسلام بمجرد أن نزل الوحي الأمين سيدنا جبريل عليه السلام، على قلب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهو يحارب العنصرية الاجتماعية، وكان في هذا الأمر صريحًا مباشرًا، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » (الحجرات: 13).
وهو ما أكدته السنة النبوية لاحقًا، حيث قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد منكم الغائب».
المؤاخاة لقتل التطرف الاجتماعي
على الأرض اتخذ الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، عددًا من الإجراءات لكي يقتل بها التطرف الاجتماعي، وليلعنها صراحة أن الجميع أمام الله سواسية كأسنان المشط، فآخى بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، وبين حمزة ابن عبدالمطلب وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين ومعاذ بن جبل، كما آخى بين المهاجرين والأنصار، قال تعالى يؤكد هذا الفضل الكبير: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (الحشر:9).
فلو نظرنا إلى الطبقات الاجتماعية التي كان عليها كل هؤلاء، لوجدنا أن هناك فرقًا شاسعًا بين حمزة وزيد، لكنه الإسلام الذي قطع هذه الفرقة، وجعل الوصل والتآخي سمة العلاقات بين الناس.. فهلا نزعنا ما في جعبتنا من جاهلية، وتمسكنا بتلابيب الدين الحنيف بعيدًا عن العنصرية والطائفية السمجة.