التفاؤل ليس معناه امتلاك السعادة على الدوام، لكنه شعور يسري في روح الإنسان يجعله ينظر إلى كل شيء بعين التفاؤل، وفي خضم الأزمة أو البلاء يظل لديك قوة وثقة كبيرة جدًا في الله عز وجل بأن الله سبحانه وتعالى سيفرجها قريبًا وسيرفع الغمة لاشك.. لأنه بالأساس وعد إلهي.
اقرأ أيضا:
لماذا أجر الصوم مضاعف في رمضان؟قال تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا- إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا».. فلا يمكن أبدًا أن يغلب عسر يسرين.. يقول حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيره لسورة الانشراح: يقول الله سبحانه وتعالى: «خلقت عسرًا واحدًا بين يسرين، فلن يغلب عسر يسرين».. فالمراد من اليسرين، يسر الدنيا، ويسر الآخرة، تأكيدًا لقوله تعالى: «قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ » (التوبة: 52).
الصبر على البلاء
إذن اليسر قادم لا محالة، لكنه كعيد الفطر بعد انتهاء شهر رمضان، لن يكون ذا فرحة حقيقية، إلا لمن صام وقام الليل وتصدق، لأنه وعد إلهي، وبالتالي تحقيقه واقع لا محالة، قال تعالى يوضح ذلك: «سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا » (الطلاق: 7)، وقوله أيضًا سبحانه وتعالى: « وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ » (الشورى: 28).
لذا مهما طال وقت كورونا أو أي أزمة أي بلاء آخر، فاليسر قادم لاشك لبس أو شك فيه، قال تعالى: «حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ » (يوسف: 110).
تعلموا من العبر
علينا أن نأخذ العبرة من التاريخ، وخصوصًا تاريخنا الإسلامي الملئ بالقصص التي تؤكد أنه ما بعد أي أزمة نصر وفرج قريب، فالمسلمون حبسوا ثلاث سنوات في شعب أبي طالب يأكلون التراب، حتى جاء نصر الله، ولم ييأسوا يومًا.
وقد جاء في تفسير الطبري أن قوله تعالى: « وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا » (الطلاق:(2، نزلت في رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متعب، فقال له النبي «اتق اللهَ واصبر»، فعاد إلى قومه وأبلغهم ما قاله له النبي، حتى تكرر الأمر ثلاث مرات.
فلما عاد إذا هو بابنه كان أسيرًا فجاء معه بأعنز، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابني كان أسيرًا في بني فلان، وإنه جاء بأعنز، فطابت لنا؟ قال: «نعم»، والعكس هو الصحيح، فمع الظلم والإثم يأتي التضييق والعسر، وتأمل قوله تعالى: « فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا» (النساء: 160).